وذلك بموجب الأدلة التي تثبت أنه حادث وليس أزلياً.
إن هذا الكون يحمل دائماً وباستمرار صفات حدوثه، تشهد بهذه الحقيقة النظرات العقلية المستندة إلى المشاهدات الحسية، وتشهد بها البحوث العلمية المختلفة في كل مجال من مجالات المعرفة، والقوانين العلمية التي توصّل إليها العلماء الماديون.
وإذْ قد ثبت أن هذا الكون عالمٌ حادثٌ، له بداية وله نهاية، فلا بد له حتماً من علة تسبب له هذا الحدوث، وتخرجه من العدم إلى الوجود، وذلك لاستحالة تحوّل العدم بنفسه إلى الوجود.
أما من لا يحمل في ذاته صفات تدل على حدوثه مطلقاً، وتقضي الضرورة العقلية بوجوده، فوجوده هو الأصل.
لذلك فهو لا يحتاج أصلاً إلى موجد يوجده، وكل تساؤلٍ عن سبب وجوده تساؤل باطلٌ بالحتمية العقلية، لأنه أزليٌ واجب الوجود، ولا يمكن أن يكون غير ذلك عقلاً، وليس حادثاً حتى يتساءل الفكر عن سبب وجوده.
وهنا نقول: لو كانت صفات الكون تقتضي أزليته، لقلنا فيه أيضاً كذلك. لكن صفات الكون المشاهدة المدروسة تثبت حدوثه.
يضاف إلى هذا أن مادة الكون الأولى عاجزة بطبيعتها عن المسيرة الارتقائية التي ترتقي بها ذاتياً إلى ظاهرة الحياة، فالحياة الراقية في الإنسان.
بهذا تنكشف للبصير المنصف المغالطة الشيطانية التي يوسوس بها الشيطان، وتخطر على أذهان الناس، بمقتضى قصور رؤيتهم عن استيعاب كل جوانب الموضوع وزواياه، فهم بسبب هذا القصور في الرؤية يتساءلون: وما علة وجود الله.
إنها مغالطة تريد أن تجعل الأزلي حادثاً، وأن تجعل واجب الوجود عقً ممكن الوجود عقلاً وأن الأصل فيه العدم، ليتساءل الفكر عن علة وجوده.