وإذْ دعا الناس إلى خلق الإنسان الأعلى طالبهم بأن لا يتركوا الأمر فوضى للانتخاب الطبيعي.
لكنه رأى أن ذلك يتم بطرائق التربية التي ترفع الفرد وتسمو به، وبتحسين النسل البشري، باختيار الممتازين من الرجال والنساء للتزواج، وأن يكون الزواج أساسه اختيار الأرقى من النساء بشرياً، للأرقى من الرجال بشرياً، حتى يخلق الزوجان بإرادتيهما إنساناً أرقى منهما، وهكذا. وهاجم الزواج الذي يقوم على أساس الحب، ورأى أن من الواجب أن نجعل الحب مانعاً من الزواج، فخير الرجال لخير النساء، أما الحب فنتركه لحثالة البشر، إذ ليس الغرض من الزواج مجرّد النسل، بل يجب أن يكون وسيلة للتسامي والرقي.
وسمى هذا الزواج الذي دعا إليه: إرادة اثنين ليخلقا إنساناً يسمو على خالقيه.
ثامناً: بعد هذه الأفكار والآراء المشوشة المختلطة الفاسدة، التي هدم بها العقل وكل مبادئ الفكر بأقوال خيالية فلسفية، توصّل إلى هدفه المراد من وضع هذه الأفكار الباطلة، فزعم أنه لا بد من وضع قيم جديدة للوصول إلى خلق الإنسان الأعلى، وهذه القيم تتلخص بأن يكون الإنسان حراً، قد حطم كل القيود، وبدد ما أسماه بالأوهام الثقيلة الخطيرة، التي أتت بها المذاهب الأخلاقية، والدينية، والفلسفية. وبذلك جحد كل القيم التقليدية، ودعا إلى جحدها.
وأراد أن يرفع الإنسان الأعلى فوق الناس، والأخلاق، والقوانين، والتقويم التقليدي للأشياء.
وهذه الحال تقتضي من الإنسان ألا يظل متعلقاً بشخص ما، ولا بوطن معين، ولا بأي نوع من أنواع الشفقة والعطف ونحو ذلك.
والإنسان في الأخلاق الجديدة التي أرادها، هو فوق كل قيمة، وكل قانون، وكل ما يعتقده عامة الناس، ولا يعنيه قال الناس عن هذا الشيء: