responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 204
وهذا هو الذي يفتح الثغرة الفكرية التي يعبُر منها الخبثاء الماكرون، ليهدموا الأبنية الأخلاقية الحصينة التي تتمتع بها الشعوب العريقة بأمجادها، لا سيما المسلمون الذين سبق أن رفعتهم الأخلاق العظيمة إلى قمة مجد لم يطاولهم فيها أحد.

وحين يتبصر الباحث بالأسس الأخلاقية، التي تم فيها تحديد مستوياتها، وفق المفاهيم المقتبسة من التعاليم الإسلامية، يتبين له بوضوح تساقط أقوال الذين يزعمون أن الأخلاق اعتبارية أو نسبية، وأنها من الأمور التي تتواضع عليها الأمم، وأنها ليست ذات قيم حقيقية، أو حقائق ثابتة.
فالباحث المتحري للحقيقة يستطيع أن يكتشف بسرعة عناصر المغالطة التي يصطنعها هؤلاء المضللون، إذ يأتون بأمثلة جزئية يزعمون أنها من الأخلاق، ثمّ يثبتون أنها أمور اعتبارية أو نسبية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، ثمّ ينقضون بها ثبات الأخلاق نقضاً كلياً، بطريقة تعميمية لا يقبل بها العلم، حتى على افتراض أن هذه الأمثلة هي من الأخلاق فعلاً، لأنه لا يجوز علميّاً الحكمُ على النوع كله من خلال الحكم على بعض أفراه، ما لم يثبت أن سائر الأفراد مشتركة بمثل الصفة التي كانت علة صدور الحكم على بعض الأفراد.

إن مغالطتهم هذه تشبه مغالطة من يأتي بمجموعة من القرود، ويلبسها لباس بني آدم، ويدخلها بين مجموعاتهم ثمّ يقول: إن الناس جميعهم لهم صفات القرود، بدليل أن هذا الإنسان - ويشير إلى بعض قروده - له صفات القرود، بدليل أن هذا الإنسان - ويشير إلى فرد آخر من هذه المجموعة المزيفة- له صفات القرود. وهكذا يأتي بأمثلة متعددة من هذا العنصر الدخيل، ثمّ يصدر حكمه التعميمي في مغالطة أخرى، فيقول: ومن هذا يتبين لنا أن جميع الناس لهم صفات القرود.

إن هذه العملية قد تضمنت مغالطة مركبة تمت على مرحلتين:
المرحلة الأولى: إدخال عنصر ليس من البشر تحت عنوان البشر.

اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 204
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست