.. قال الإمام النووى -رحمه الله-: "ففيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة، أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها، ومات من غير توبة فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو فى حكم المشيئة، وقد تقدم بيان القاعدة وتقريرها، وهذا الحديث شرح للأحاديث التى قبله، الموهم ظاهرها تخليد قاتل النفس، وغيره من أصحاب الكبائر فى النار، وفيه إثبات عقوبة بعض أصحاب المعاصى، فإن هذا عوقب فى يديه، ففيه رد على المرجئة [1] ، القائلين بأن المعاصى لا تضر مع الإيمان، كما لا ينفع مع الكفر طاعة" [2] أ. هـ.
... وإذا تقرر أن مرتكب الكبيرة، مسلم عاصى، تحت مشيئة ربه عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، فلا وجه لإنكار أعداء السنة لشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم، لأهل الكبائر من أمته.
فإلى بيان شبههم حول الحديث والرد عليها فى المبحث التالى.
المبحث السادس: شبه الطاعنين فى حديث الشفاعة والرد عليهم
... إن تشبث المعتزلة بأصلهم الوعد والوعيد، ووجوب تحقيق الوعيد فى حق مرتكب الكبيرة بتخليده فى النار، أدى بهم إلى نفى الشفاعة لأهل الكبائر يوم القيامة. [1] المرجئة: من الإرجاء وهو التأخير، والمرجئة لقب أطلق على طائفة تؤخر العمل عن الإيمان، بمعنى أنهم لا يدخلون العمل فى مسمى الإيمان، وقصروا الإيمان على المعرفة. وأكثرهم يرى أن الإيمان لا يتبعض، ولا يزيد ولا ينقص، وزعم بعضهم أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة أ. هـ. انظر: مقالات الإسلاميين 1/132، الملل والنحل 1/137، وانظر: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام 2/743. [2] المنهاج شرح مسلم 1/409 رقم 116 بتصرف يسير، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة 1/374-378.