.. وكون الله سبحانه خالقاً لأفعال العباد، لا ينفى ذلك أن يكونوا فاعلين لها حقيقة، فقد أخبر سبحانه أن العباد يفعلون ويعملون ويؤمنون ويكفرون ويصدقون ويكذبون فى مواضع جمة. فأفعالهم مستندة إليهم، وهم الفاعلون لها حقيقة، وأنها تنسب إليهم وتضاف لهم وهى مفعولة لله حقيقة ومخلوقة له، وليست فعلاً له، ولا يتصف بأنه فاعلها؛ لأن هنالك فرقاً بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق، فهى فعل العباد ومفعوله له سبحانه [1] .
وإلى هذا أشار الإمام الطحاوى [2] – رحمه الله – بقوله: "وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد" [3] . [1] المنتقى من منهاج الاعتدال ص 142، 143، 153، وشفاء العليل فى مسائل القدر ص 115، وشرح الطحاوية 2/188. [2] الطحاوى هو: أبو جعفر، أحمد بن محمد الأزدى المصرى الطحاوى الحنفى. كان ثقة، ثبتاً، فقيهاً، لم يخلف بعده مثله، انتهت إليه رياسة أصحاب أبى حنيفة بمصر من مصنفاته (شرح معانى الآثار) و "أحكام القرآن" و "العقيدة" مات سنة 321هـ. له ترجمة فى: طبقات الحفاظ للسيوطى ص339 رقم 767، وتذكرة الحفاظ 3/808 رقم 797، وطبقات المفسرين للداودى 1/74 رقم 69، والبداية والنهاية 11/ 132، والتقييد لمعرفة رواة السنن لابن نقطة ص 174 رقم 195، ولسان الميزان 1/415 رقم 845. [3] شرح الطحاوية 2/179.