موقف المعتزلة من آيات الصفات:
... قال القاضى عبد الجبار: "إذا ورد فى القرآن آيات تقتضى بظاهرها التشبيه، وجب تأويلها؛ لأن الألفاظ معرضة للاحتمال، ودليل العقل بعيد عن الاحتمال" [1] .
... ويورد أبو الحسين عدداً من آيات الصفات ثم يقول: "فكل هذه الآيات وما أشبهها من الآيات، فإنما يريد عز وجل ذاته، لا أن ثم نفساً ووجهاً ويداً، وعيناً ويميناً سواء" [2] .
موقف المعتزلة من أحاديث الصفات:
إذا كان هذا موقفهم من آيات الصفات الواردة فى القرآن الكريم تأويلها بما يوافق العقل.
فقد ذهبوا إلى عدم الاحتجاج بالأحاديث الواردة فى الصفات مهما كانت درجة صحته، ما دام يعارض عقولهم فى إثبات صفة لله تعالى.
وقعد عبد الجبار فى ذلك قاعدة عامة، تكشف عن موقف المعتزلة من أحاديث الصفات فقال: "ومما يتعلقون به أخبار مروية عن النبى صلى الله عليه وسلم وأكثرها يتضمن الجبر، والتشبيه، فيجب القطع على أنه صلى الله عليه وسلم لم يقله، وإن قال؛ فإنه قاله حكاية عن قوم، والراوى حذف الحكاية، ونقل الخبر" [3] .
... وتارة يردون الأحاديث فى هذا الباب، بحجة أنها آحاد تفيد الظن، ولا يصلح فى هذا الباب إلا الدليل اليقينى [4] ، وهو العقل فارس هذا الميدان فلا منافس له ألبتة، ولا مشارك له. ويشهد لذلك تأويلهم لآيات القرآن، وردهم لأحاديث متواترة فى هذا الباب كحديث "رؤية رب العزة فى الآخرة" وسيأتى الدفاع عنه. [1] المحيط بالتكليف ص 200، وانظر: شرح الأصول ص 212، وفضل الاعتزال ص 149، 152، وموقف المدرسة العقلية من السنة 1/171 – 175. [2] رسائل العدل والتوحيد ليحيى بن الحسين ص 115. [3] شرح الأصول ص 268، وانظر: دين السلطان ص 618، وإنذار من السماء ص 419، وأهل السنة شعب الله المختار ص 43. [4] شرح الأصول ص 769.