.. فالإمام البخارى رحمه الله تعالى افتتح كتابه الحيل بحديث "إنما الأعمال بالنيات" وعنون للباب قبل ذكر الحديث بباب فى ترك الحيل …" [1] فأدخل كلمة "الترك" لئلا يتوهم أحد من أدعياء العلم من ترجمة الكتاب "كتاب الحيل" إجازة الحيل.
قال الحافظ ابن حجر فى شرحه لعنوان الباب قال: قوله: "باب ترك الحيل" قال ابن المنير: أدخل البخارى الترك فى الترجمة، لئلا يتوهم أى من ترجمة الكتاب "كتاب الحيل" إجازة الحيل عموماً، فإن القول بجوازها عموماً إبطال حقوق وجبت، وإثبات حقوق لا تجب، فتحرى فيها لذلك.
قال ابن حجر قلت: وإنما أطلق أولاً "كتاب الحيل" للإشارة إلى أن من الحيل ما يشرع فلا يترك مطلقاً. فضابطها إن كانت للفرار من الحرام، والتباعد من الإثم فحسن، وإن كانت لإبطال حق مسلم فلا بل هى إثم وعدوان" [2] .
وقال ابن قيم الجوزية: "الحيل نوعان: نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه والتخلص من الحرام، وتخليص الحق من الظالم المانع له، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغى، فهذا النوع محمود يثاب فاعله. ونوع يتضمن إسقاط الواجبات، وتحليل المحرمات، وقلب المظلوم ظالماً، والظالم مظلوماً والحق باطلاً والباطل حقاً، فهذا النوع الذى اتفق السلف على ذمه، وصاحوا بأهله من أقطار الأرض" [3] .
فإذا كان من النوع الباطل إسقاط الواجبات، وتحليل المحرمات، وقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً. فهل هناك مسلم يجرؤ على القول بأن أئمة المسلمين ورواة السنة الثقات استحلوا أكبر الكبائر بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسبه شئ لم يقله، وجعله شرعاً إلى يوم الدين؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. [1] انظر: صحيح البخارى "بشرح فتح البارى" 12/342 رقم 6953. [2] فتح البارى 12/342، 343 بتقديم وتأخير. [3] إغاثة اللهفان 1/354.