كما أنهم لا يشترطون اتصال السند فى الحديث من الإمام إلى الرسول؛ لأن الإمام فى حد ذاته كلامه فى قوة كلام الرسول وقدسيته، ووجوب العمل به؛ لأنه معصوم ويوحى إليه، ومن تلك الأحاديث التى يصححونها ولا عدالة لرواتها ولا اتصال لسندها حديث "غدير خم" [1] الذى يكاد يكون عمدة المذاهب الشيعية كلها ودعامتها الأولى، والأساس الذى أقاموا عليه نظريتهم إلى الصحابة من تكفيرهم وسبهم ولعنهم ليل نهار، وتابعهم على ذلك دعاة اللادينية [2] . [1] وخلاصة هذا الحديث: أن النبى صلى الله عليه وسلم. فى رجوعه من حجة الوداع جمع الصحابة فى مكان يقال له "غدير خم" مكان بين مكة والمدينة، وأخذ بيد على رضي الله عنه ووقف به على الصحابة جميعاً وهم يشهدون وقال: "هذا وصيى وأخى والخليفة من بعدى فاسمعوا له واطيعوا" والحديث بهذه الرواية التى انفرد بها الرافضة مكذوب وأصل الحديث كما فى صحيح مسلم من رواية زيد ابن أرقم رضي الله عنه قال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. يوماً فينا خطيباً. بماء يدعى خما -بين مكة والمدينة- فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر. ثم قال: "أما بعد. ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتى رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور. فخذوا بكتاب الله. واستمسكوا به" فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال: "وأهل بيتى. أذكركم الله فى أهل بيتى. أذكركم الله فى أهل بيتى. أذكركم الله فى أهل بيتى ... الحديث" أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل على بن أبى طالب رضي الله عنه 8 /190 رقم 2408. هذا هو أصل الحديث كما فى صحيح السنة، والحديث برواية الرافضة يشهد على نفسه بالبطلان فالحديث يصرح بالخلافة للإمام على -كرم الله وجهه- على مشهد من الصحابة جميعاً، ومثل هذا تتوافر الدواعى على نقله ويشتهر، فى حين أن هذا النص بالخلافة للإمام على لم يبلغه أحد بإسناد صحيح. قال الإمام بن تيمية فى فصل (الطرق التى يعرف بها كذب المنقول) ما ينفرد به، ويتضمن أمراً تتوافر الدواعى على نقله قال: "ومن هذا الباب نقل النص على خلافة على، فإنا نعلم أنه كذب من طرق كثيرة، فإن هذا النص لم يبلغه أحد بإسناد صحيح فضلاً عن أن يكون متواتراً كما تزعم الرافضة، ولا نقل أن أحداً ذكره على جهة الخفاء، مع تنازع الناس فى الخلافة وتشاورهم فيها يوم السقيفة، وحين موت عمر وحين جعل الأمر شورى بينهم فى ستة، ثم لما قتل عثمان واختلف الناس على على، فمن المعلوم أن مثل هذا النص لو كان كما تقوله الرافضة من أنه نص على علىّ بن أبى طالب نصاً جلياً قاطعاً للعذر وعلمه المسلمون، لكان من المعلوم بالضرورة فى مثل هذه المواطن التى تتوافر الهمم على ذكره فيها غاية التوفر، فانتفاء ما يعلم أنه لازم يقتضى انتفاء ما يعلم أنه ملزوم" أ. هـ. من منهاج السنة لابن تيمية 4 /118، وانظر: للاستزادة فى الرد على استدلالات الرافضة بروايات الحديث فيما كتبه الدكتور على السالوس فى كتابيه مع الشيعة الإثنى عشرية فى الأصول والفروع 1 /96-162، وأثر الإمامة فى الفقه الجعفرى وأصوله ص 78-136، وانظر: مختصر التحفة الإثنى عشرية لألوسى ص 123، 176، 208، 219، والعواصم من القواصم لابن العربى ص 183، والمؤتمر العالمى الرابع للسيرة والسنة بحث الدكتور على السالوس حديث الثقلين وفقهه 2 /701 - 725 والشيعة والتصحيح للدكتور موسى الموسوى ص 8-50، ونظام الخلافة بين أهل السنة والشيعة للدكتور مصطفى حلمى ص 33-223. [2] انظر: مجمع البيان فى تفسير القرآن للفضل بن الحسن الطبرسى 6 /152، والميزان فى تفسير القرآن محمد حسين الطباطبائى 6 /42، وأصل الشيعة وأصولها محمد الحسين آل كاشف ص48، ومصباح الهداية فى إثبات الولاية على الموسوى ص 190 وما بعدها التبيان فى تفسير القرآن محمد بن الحسن الطوسى 3 /587، والمراجعات عبد الحسين شرف الدين ص 51، والغدير فى الكتاب والسنة والأدب عبد الحسين الأمينى 1 /21، 216، 223، 225، وكشف اليقين فى فضائل أمير المؤمنين الحسن بن المطهر الحلبى ص 254، 293، 471 = = وما بعدها، ومعالم المدرستين لمرتضى العسكرى المجلد 1 /493، الشيعة فى عقائدهم وأحكامهم لأمير محمد القزوينى ص 71، والنص والاجتهاد لعبد الحسين شرف الدين ص 347، ونظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية فى الإسلام لأحمد حسين يعقوب ص 247 - 256، ولماذا أنا شيعى محمد حسين الفقيه ص 36، لقد شيعنى الحسين أدريس الحسينى ص 358 - 367، الإفصاح فى إمامة على بن أبى طالب لمحمد بن النعمان العكبرى ص 15-18، والسنة ودورها فى الفقه الجديد لجمال البنا ص 25، وإعادة تقييم الحديث لقاسم أحمد ص 97، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص 258 وغيرهم.