فوجدنا من يصف أهل الحديث بأنهم "عبيد الأسانيد" [1] و "أسرى الأسانيد" [2] .
ووجدنا من يصف الإسناد بأنه نوع من التزمت [3] .
... ووجدنا إسماعيل منصور يقول: "إن هذا التعلق غير الطبيعى بالسند، والمبالغة فى الاعتداد به وربط الأحكام الشرعية به -واعتباره بالدرجة الأولى- أساساً لصحة الحديث كل ذلك مجتمعاً قد أثمر افتراقاً كبيراً بين المسلمين، وصيرورتهم فرقاً وشيعاً وأحزاباً يعارض بعضها بعضاً، وقاتل بعضها بعضاً، ويكيد بعضها لبعض على مر السنين [4] .
... ويقول طاعناً فى علوم الحديث كلها: "ما أقامه البعض من أهل هذا العلم من إنشاء ما يسمى بعلم الحديث، إنما هو بالحياد المطلق، وَهْمٌ لا يثبت، وظن لا يستقيم" [5] .
ويجاب على هذه الشبه بما يلى:
... بادئ ذى بدء نحب أن نقول للطاعنين فى الإسناد، كلمة مهمة قالها العلامة السيد سليمان الندوى، وهو يتحدث عن تحقيق معنى السنة وبيان الحاجة إليها. قال تحت عنوان: (الرواية أمر ضرورى) : "لا مندوحة لعلم من العلوم، ولا لشأن من شؤون الدنيا عن النقل والرواية؛ لأنه لا يمكن لكل إنسان أن يكون حاضراً فى كل الحوادث، فإذاً لا يتصور علم الوقائع للغائبين عنها إلا بطريق الرواية شفاهاً أو تحريراً، وكذلك المولودون بعد تلك الحوادث لا يمكنهم العلم بها إلا بالرواية عمن قبلهم.
هذه تواريخ الأمم الغابرة والحاضرة، والمذاهب والأديان، ونظريات الحكماء والفلاسفة، وتجارب العلماء واختراعاتهم، هل وصلت إلينا إلا بطريق النقل والرواية؟ [1] أضواء على السنة لمحمود أبو ريه ص 62. [2] السنة ودورها فى الفقه الجديد لجمال الدين ص 12، 15، 84. [3] ظهر الإسلام لأحمد أمين 3/86، 88. [4] تبصير الأمة بحقيقة السنة ص 377. [5] المصدر السابق ص 656، وانظر: من نفس المصدر ص 145، 165، 176، وانظر: حد الردة لأحمد صبحى منصور 87، 91، والقرآن والحديث والإسلام لمحمد رشاد خليفة ص 40.