.. وإذا كان القرآن منقولاً بالرواية، فالطعن فى الإسناد طعن فى الدين، وإبطال للكتاب والسنة وهو ما صرح به (شاكر) -رأس الزنادقة فى عصره- عندما سئل عن سر تعليمهم المتعلم فيهم أول ما يعلمونه الطعن فى الصحابة، وهم أول رجال السند قال: "إنا نريد الطعن على الناقلة فإذا بطلت الناقلة أوشك أن نبطل المنقول".
وصدق الإمام أبو زرعة الرازى -رحمه الله-: " ... هؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة ([1]) ".
... ومن هنا كان أهل الإلحاد قديماً وحديثاً يحرصون على الطعن والتشكيك فى الإسناد الذى هو خصيصة فاضلة لهذه الأمة ولم يكن هناك شئ أثقل عليهم من سماع الحديث وروايته بإسناد.
يدل على ما سبق ما رواه الحاكم فى معرفة علوم الحديث قال: "سمعت الشيخ أبا بكر أحمد ابن إسحاق الفقيه [2] وهو يناظر رجلاً، فقال الشيخ: حدثنا فلان. فقال له الرجل: دعنا من حدثنا إلى متى حدثنا. فقال له الشيخ: قم يا كافر، ولا يحل لك أن تدخل دارى بعد هذا، ثم التفت إلينا فقال: ما قلت قط لأحد لا تدخل دارى إلا لهذا" [3] .
وروى الحاكم أيضاً عن أحمد بن سلام الفقيه قال: "ليس شئ أثقل على أهل الإلحاد ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناد ([4]) ". [1] راجع: ص 600، 601. [2] أحمد بن إسحاق: هو أبو بكر، أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغى الفقيه، كان عالماً بالحديث والرجال، والجرح والتعديل، وفى الفقه كان المشار إليه فى وقته، ثقة مأمون. سمع منه كبار الحفاظ، منهم أبو عبد الله الحاكم، وكلما روى عنه وجمع بينه وبين جماعة يقول: أبو بكر هو الإمام المقدم.له ترجمة فى: الإرشاد فى معرفة علماء الحديث للحافظ الخليل القزوينى ص318،319. [3] معرفة علوم الحديث ص 4. [4] المصدر السابق ص 4.