.. وعودة إلى خلقه وتقواه رضي الله عنه: فقد اشتهر رضي الله عنه بالتواضع، والمرح، فكان يداعب الأطفال، ويمازح الناس ويلاطفهم، ومن ذلك أنه كان يمر فى السوق، يحمل الحزمة من الحطب على ظهره-وهو يومئذ أمير مروان على المدينة فيقول: أوسعوا الطريق للأمير [1] .
فمعاوية رضي الله عنه استعمله فى عهده على المدينة ثم عزله وولى عليها مروان، ثم استخلفه مروان عليها حين توجه إلى الحج" [2] .
قوة ذاكرته وروايته:
لقد لازم أبو هريرة رسول الله منذ قدم عليه مهاجراً، ينهل من عمله، ويتلقى عنه أحاديثه ويحفظها، واجتهد فى ذلك حتى صار أحفظ أصحابه، وأكثرهم رواية للحديث، فقد روى (5374) خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثاً نبوياً - كما فى مسند بقى ابن مخلد- اتفق الشيخان البخارى ومسلم على (325) ثلاثمائة وخمسة وعشرين حديثاً منها، وانفرد البخارى بثلاثة وتسعين، ومسلم بمائة وتسعة وثمانين [3] ،وقيل غير ذلك.
... وهذه الروايات التى زادت على خمسة آلاف هى بالمكرر.
وذكر الدكتور الأعظمى فى كتابه: أبو هريرة فى ضوء مروياته [4] أن أحاديثه فى المسند والكتب والسنة هى 1336 حديثاً فقط، وذلك بعد حذف الأسانيد المكررة. وهذا القدر يستطيع طالب عادى أن يحفظه فى أقل من عام، فما بالك بمن كان حفظه من معجزات النبوة" [5] . [1] انظر: ما قاله الدكتور السباعى دفاعاً ضد من طعن فى مزاح أبى هريرة رضي الله عنه فى السنة ومكانتها فى التشريع ص 337-341، وانظر: دفاع عن السنة للدكتور أبو شهبة ص 106-108. [2] البداية والنهاية 8/116، 117. [3] تدريب الراوى 2/216، 217، وانظر: سير أعلام النبلاء 2/632. [4] أبو هريرة فى ضوء مروياته ص 76، نقلاً عن (مع الشيعة الإثنى عشرية فى الأصول والفروع) للدكتور على السالوس 3/77. [5] مع الشيعة الإثنى عشرية فى الأصول والفروع 3/77.