.. ولا تتحقق العدالة فى الراوى إلا إذا اتصف بصفات خمسة: الإسلام- والبلوغ والعقل والسلامة من أسباب الفسق وخوارم المروءة [1] .
وليس المقصود من العدل أن يكون بريئاً من كل ذنب، وإنما المراد أن يكون الغالب عليه التدين، والتحرى فى فعل الطاعات.
وفى ذلك يقول الإمام الشافعى: "لو كان العدل من لا ذنب له لم نجد عدلاً، ولو كان كل مذنب عدلاً لم نجد مجروحاً، ولكن العدل من اجتنب الكبائر وكانت محاسنه أكثر من مساويه" [2] .
ويعبر أبو يوسف عن هذا الاتجاه حين يقول: "من سلم أن تكون منه كبيرة من الكبائر التى أوعد الله تعالى عليها النار، وكانت محاسنه أكثر من مساوئه فهو عدل" [3] .
ونخلص مما سبق فيما يخص عدالة الصحابة - رضي الله عنهم - "أن المنافقين الذين كشف الله ورسوله - سترهم، ووقف المسلمون على حقيقة أمرهم، والمرتدين الذين ارتدوا فى حياة النبى وبعد وفاته، ولم يتوبوا ويرجعوا إلى الإسلام، وماتوا على ردتهم، هم بمعزل من شرف هذه الصحبة، وبالتالى بمعزل عن أن يكونوا من المرادين بقول جمهور العلماء والأئمة إنهم عدول، وفى تعريف العلماء للصحبة ما ينفى عنها هؤلاء وأولئك.
ومعنى عدالة الصحابة: "أنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما اتصفوا به من قوة الإيمان، والتزام التقوى، والمروءة، وسموا الأخلاق والترفع عن سفاسف الأمور.
وليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصى أو من السهو أو الغلط فإن ذلك لم يقل به أحد من أهل العلم. [1] انظر: فتح المغيث للسخاوى 3/315 - 317، وتوضيح الأفكار للصنعانى 2/114 - 118، ومقاصد الحديث فى القديم والحديث للدكتور التازى 2/65، 66. [2] انظر: الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم لابن الوزير اليمانى 1/28. [3] نقلاً عن توثيق السنة فى القرن الثانى الهجرى للدكتور رفعت فوزى ص 129.