ويقول الإمام ابن قيم الجوزية: "الذين قالوا لا يحتج بخبر الواحد فى العقائد من التوحيد، والصفات الإلهية، والبعث قالوا: الأخبار قسمان متواتر وآحاد، فالمتواتر وإن كان قطعى السند لكنه غير قطعى الدلالة، فإن الدلالة اللفظية لا تفيد اليقين، وبهذا قدحوا فى دلالة القرآن على الصفات وقالوا: الآحاد لا تفيد العلم، ولا يحتج بها من جهة طريقها، ولا من جهة متنها. فسدوا على القلوب معرفة الرب تعالى وأسمائه وصفاته، وأفعاله من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم. وأحالوا الناس على قضايا وهمية ومقدمات خيالية سموها قواطع عقلية، وبراهين نقلية، وهى فى التحقيق كما قال الله تعالى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [1] . [1] الآية 39 من سورة النور، وانظر: مختصر الصواعق المرسلة لابن قيم الجوزية 2/506، وقارن بشرح العقيدة الطحاوية 2/79، 80، وتأثر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت بهذا المنطق الفلسفى الذى يرى أن دليل العقل يفيد اليقين، أما الأدلة النقلية فلا، وينسب ذلك إلى كثير من العلماء فيقول: "وقد اتفق العلماء على أن الدليل العقلى الذى سلمت مقدماته، وانتهت فى أحكامها إلى الحس أو الضرورة يفيد ذلك اليقين ويحقق الإيمان المطلوب. أما الأدلة النقلية فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تفيد اليقين، ولا تحصل الإيمان المطلوب، ولا تثبت بها وحدها عقيدة…والذين ذهبوا إلى أن الدليل النقلى يفيد اليقين، ويثبت العقيدة شرطوا فيه أن يكون قطعياً فى وروده، قطعياً فى دلالته، انظر: الإسلام عقيدة وشريعة ص 53.