.. فالمواترة المتابعة، ولا تكون بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة، وإلا فهى مداركة ومواصلة [1] .والخلاصة أن التواتر هو: التتابع مع التراخى، أو بدون التراخى، والأول أقوى.
... أما فى الاصطلاح: فقد عرفه العلماء قديماً وحديثاً تعريفات كثيرة، ولعل من أجمعها وأمنعها ما عرفه به فضيلة الأستاذ الدكتور مصطفى أمين التازى - رحمه الله- بقوله: "هو ما رواه جمع كثير، يحيل العقل اتفاقهم على الكذب عادة أو صدوره منهم اتفاقاً، عن مثلهم، فى كل طبقة من طبقاته، وأن يكون مستند انتهائهم الحس، ويصحب خبرهم إفادة العلم بنفسه لسامعه [2] .
ثانياً: اختلاف العلماء فى وجود المتواتر:
... يقول فضيلة الأستاذ الدكتور (مصطفى التازى) - رحمه الله -: "لا خلاف فى أن الأخبار المتواترة تقع كثيراً فى حياة دنيا الناس اليومية، ففى كل يوم نسمع عن حادثة تقع فى ناحية من النواحى النائية، أو نسمع بتصريح يصدر عن مسئول فى بلد من البلاد فتطير به وكالات الأنباء وتذيعه جميع الإذاعات فى أنحاء العالم فينتشر الخبر بين الناس ويعلم به القريب والبعيد على سواء، ثم لا يكذب من أحد، فيحصل به العلم الجازم عند سامعيه، بصحة الخبر ونسبته إلى قائليه، ولا شك أن هذا من الأخبار المتواترة التى استوفت شروط التواتر، وإنما الخلاف بين العلماء فى وجود الخبر المتواتر فى السنة النبوية، وقد ذهبوا فى هذا الخلاف إلى ثلاثة مذاهب: [1] انظر: القاموس المحيط 2/150،151، ومختار الصحاح ص707، 708، والمصباح المنير2/647. [2] مقاصد الحديث فى القديم والحديث 2/7 وانظر: نزهة النظر لابن حجر ص 17، والإحكام للآمدى 2/14، 15، والبحر المحيط 4/231، وإرشاد الفحول 1/200، والإبهاج فى شرح المنهاج 2/285، والحصول للرازى 2/108، وانظر: قواعد التحديث للقاسمى ص146.