.. فهذا هو المأخذ الذى لو تم، لكان مبطلاً لما اتفق عليه الجميع، من وجود سُّنة جاءت بما لم ينص عليه الكتاب نصاً، ويمكن للمجتهد أن يأخذ به بحسب أوضاع اللغة، ومعانيها الحقيقية والمجازية، ولكنه لن يتم ولا يمكن تطبيقه على جميع ما ورد فى السنة، ومحاولة تطبيقه محاولة فاشلة [1] .
... وقد اعترف الإمام الشاطبى نفسه بذلك بعد أن غاص فى عمق أدلة هذا المأخذ، وكانت الغاية التى انتهى إليها الاعتراف ببطلان هذا المأخذ وانحراف أصحابه، إذ يقول تعليقاً على هذا المأخذ: "ولكن القرآن لا يفى بهذا المقصود على النص والإشارة العربية التى تستعملها العرب أو نحوها، وأول شاهد فى هذا الصلاة، والحج، والزكاة، والحيض، والنفاس، واللقطة، والقراض، والمساقاة، والديات، والقسامات، وأشباه ذلك من أمور لا تحصى.
... فالملتزم لهذا (أى المأخذ السادس) لا يفى بما ادعاه، إلا أن يتكلف فى ذلك مآخذ لا يقبلها كلام العرب، ولا يوافق على مثلها السلف الصالح، ولا العلماء الراسخون فى العلم، ولقد رام بعض الناس فتح هذا الباب [2] الذى شرع فى التنبيه عليه فلم يوف به إلا على التكلف المذكور، والرجوع إلى المأخذ الأول فى مواضع كثيرة لم يتأت له فيها نص ولا إشارة إلى خصوصات ما ورد فى السنة، فكان ذلك نازلاً بقصده الذى قصد [3] .
إذاً فهو قول غير صحيح، وبعيد كل البعد عن الحقيقة أ. هـ. [1] انظر: حجية السنة للدكتور عبد الغنىص 535. [2] فتحه مصطفى المهدوى فى كتابة البيان بالقرآن، وكانت المحاولة فاشلة، وصدق فيه ما قاله الإمام الشاطبى هنا. [3] الموافقات 4/431.