.. وإذا كانت أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً عند المتقدمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن سبقوا الإمام الشافعى، رأيت أن الأمر يهون وتختفى معظم الإشكالات، والنزاعات المتشعبة بين العلماء فى النسخ بين القرآن والسنة؛ لأن من أنكر نسخ السنة (متواترة كانت أو آحاداً) للقرآن الكريم، جعل المسائل التى قيل فيها نسخ من السنة للقرآن نوع من أنواع بيان السنة للقرآن الكريم، وهذا البيان واجب العمل به. وهذا هو المطلوب فى مسألتنا هذه، حيث أن القضية لا تعدو الخلاف فى الاصطلاح. فمن سمى البيان نسخاً من المتقدمين، ومن جعل نسخ السنة للقرآن بياناً من المتأخرين كل منهما يعمل بالسنة المطهرة، ويحتج بها ويعرف مكانتها بالنسبة لكتاب الله عز وجل بل وللإسلام كله.
يقول الإمام الآمدى: "ثم إننا نرى أنه من الأهمية بمكان أن نقرر أنه لا خلاف بين العلماء المجيزين للنسخ فى جواز نسخ القرآن بالقرآن، ونسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة، ونسخ الآحاد بالآحاد، ونسخ الآحاد بالمتواتر من باب أولى [1] ، وأن ذلك كله ليس له فى الواقع كبير أثر، إلا فى المسألة التى نحن بصددها وهى أنواع بيان السنة للقرآن الكريم، أو نسخ الكتاب بالسنة أ. هـ. [1] الإحكام للآمدى 2/267، وأصول السرخسى 2/67، والمسودة لآل تيمية ص 201 وما بعدها