.. وأما العقل والدراية: فإن بناء الفعل للمجهول "أوتيت" يدل على أن الله تعالى أعطى لرسوله صلى الله عليه وسلم القرآن ومثله معه. فما هو المماثل للقرآن الذى تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه؟ لا يمكن أن يكون هذا المماثل شيئاً غير السنة الشريفة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءنا بهذين الأصلين معاً القرآن والسنة – ولم يأتنا بشئ غيرهما – علماً بأن الحديث القدسى مندرج فى السنة الشريفة [1] . وقد دل على هذا الفهم القرآن الكريم، مما سبق ذكره من الآيات الكريمات الدالة على حجية السنة.ودل على ذلك الفهم أيضاً الأحاديث المتكاثرة التى تؤيد هذا المعنى.
نقول هذا رداً على المرجفين فى دين الله عز وجل العاملين على هدم كيان السنة المطهرة، الطاعنين فى صحة الحديث، وفى معناه [2] .
أما الأحاديث التى تؤيد المعنى السابق، وتؤكد حجية السنة المطهرة، قوله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرءاً منا شيئاً، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع [3] . ووجه دلالة الحديث على حجية السنة كما يراها كبار العلماء: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها … فدل على أنه لا يأمر أن يؤدى عنه، إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه؛ لأنه إنما يؤدى عنه حلال يؤتى، وحرام يجتنب، وحد يقام، ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة فى دين ودنيا" [4] . [1] تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير ص 57، وانظر: إرشاد الفحول للشوكانى 1/156، 157. [2] انظر: أضواء على السنة لمحمود أبو رية ص52،وتبصير الأمة بحقيقة السنة لإسماعيل منصور ص318 [3] سبق تخريجه ص34. [4] الرسالة للشافعى ص 402، 403 فقرة رقم 1103.