إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [1] وحدد فيها كتابة الدين، ومواصفات الكاتب وواجباته، وحق المدين فى الإملاء، وإملاء وليه فى حالة عدم صلاحيته، وصفات الشهود، وشروطهم، وواجباتهم، وقال تعالى: "ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ". ليس من المعقول أن الله الذى اهتم بالدَّين هذا الاهتمام يترك البيع والشراء وتفصيل الربا، والرهن، والشركة وغيرها من المعاملات دون تشريع.
... هل يعقل أن يترك البشرية هَمَلاً يأكل بعضهم مال بعض ظلماً وعدواناً تحت عنوان "أنتم أعلم بشئون دنياكم"؟
... هل يعقل مسلم أن يترك الله تعالى هذه القوانين لمحمد صلى الله عليه وسلم دون رقابة أو تصحيح؟ فيخطئ، فتعمل الأمة مجتمعة بالخطأ أربعة عشر قرناً حتى يبعث الله لها من يرعى مصالحها، ويخالف حكم محمد صلى الله عليه وسلم؟ أظن أن العقل المسلم يستبعد ذلك كل الاستبعاد.
... يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين: "بقى فى نفسى تساؤل بخصوص حديث تأبير النخل ربما يثور فى نفوس البعض، هو: لماذا ألهم الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يشير عليهم بهذه الإشارة مع أنها لم تكن فى مصلحتهم؟
ولماذا جعلهم الله يستسلمون لمجرد الإشارة، وهم المعروفون بالمراجعة والنقاش وكثرة السؤال؟
... ولماذا لم يتدارك الله هذه المشورة بالتصحيح قبل أن تنتج شيصاً للمسلمين يسخر منه اليهود، وأعداء الإسلام حين يصح نخلهم ويسوء نخل المسلمين بسبب مشورة نبيهم صلى الله عليه وسلم؟؟.
... وسنحاول تلمس حكمة لهذه الحادثة، فإن حصلت بها قناعة واطمئنان فالحمد لله، وإلاَّ فنحن مؤمنون أرسخ الإيمان بأن لله عز وجل فى ذلك حكمة، وهو الحكيم الخبير. ولعل الحكمة فى ذلك تدور حول ثلاث أمور: [1] الآية 282 من سورة البقرة.