وأعلم أن التأسى به صلى الله عليه وسلم واجب، وعلى ذلك جمهور الفقهاء والمعتزلة يقول فخرالدين الرازى فى المحصول: "قال جماهير الفقهاء والمعتزلة: التأسى به واجب، ومعناه: أنا إذا علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل فعلاً على وجه الوجوب: فقد تعبدنا أن نفعله على وجه الوجوب وإن علمنا أنه تنفل به: كنا متعبدين بالتنفل به، وإن علمنا أنه فعله على وجه الإباحة كنا متعبدين باعتقاد إباحته، وجاز لنا أن نفعله.
... وقال أبو على بن خلاد من المعتزلة: نحن متعبدون بالتأسى به فى العبادات، دون غيرها: كالمناكحات، والمعاملات.ومن الناس من أنكر ذلك فى الكل، واحتج أبو الحسين محمد ابن على الطيب المعتزلى: بالقرآن والإجماع: أما القرآن فقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [1] ولم يفرق الله تعالى بين أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا كانت مباحة أو لم تكن مباحة. وقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [2] .أمر بالاتباع: فيجب. [1] الآية 21 من سورة الأحزاب. [2] جزء من الآية 158 من سورة الأعراف.