.. وكانوا يتحرون فى اختيار الفصحاء، فلم يأخذوا إلا من الذى وثقوا فى فصاحته، ولم يشكوا فى مخالطته لغير العرب، وقد حدد العلماء بعض العصور التى أخذوا عنها اللغة؛ كالعصر الجاهلى، وصدر الإسلام، وبنى أمية، حتى القرن الثانى الهجرى، ولم يلتفتوا إلىما جاء بعد ذلك عن العرب من شعر ونثر، باعتبار أنه لا يحتج به [1] . وكل هذا ينطبق على رواة السنة والأحاديث المروية، لأن الرواية بالمعنى كانت فى القرن الأول قبل فساد اللسان العربى وعلى قلة وفى حدود ضيقة، هذا فى الوقت الذى كانت فيه كتابات عديدة للصحابة فى زمن النبوة وبعده، وكذلك كتابات التابعين فمن بعدهم حتى زمن التدوين الرسمى للسنة فى القرن الأول نفسه، مما يرجح أن الذى فى مدونات الطبقة الأولى لفظ النبى صلى الله عليه وسلم نفسه، فإن كان هناك إبدال لفظ بمرادفه فالذى أبدله عربى فصيح يحتج بكلامه العادى، حتى إذا دونت السنة المطهرة منع من الرواية بالمعنى وتغيير الفظ المدون بلا خلاف كما قال ابن الصلاح [2] .
... ويقول الدكتور محمد الصباغ: "ومهما يكن من أمر الحديث فإنه أحسن حالاً بكثير من الأشعار والأبيات التى يلجأ إليها النحويون ويملؤون بها كتبهم، وبعضها منحول، والآخر مشكوك فيه، أو مجهول لا يعرف قائله [3] . [1] دراسات فى تراث العرب اللغوى للأستاذ فتحى جمعة ص 14-16، وانظر: مجلة الوعى الإسلامى العدد 375 لسنة 1417 ص72. [2] علوم الحديث لابن الصلاح ص 136، وانظر: الحديث والمحدثون ص 218، 220، والحديث النبوى للدكتور الصباغ ص 131، وعلوم الحديث للدكتور صبحى الصالح ص329، 330، والسير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث فى النحو العربى للدكتور محمود فجال 1/62 - 64. [3] الحديث النبوى للدكتور الصباغ 132.