.. ومن أمثلة ذلك: ما روى عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأسلم وغفار، وشئ من مزينة وجهينة، أو شئ من جهينة ومزينة، خير عند الله، قال: أحسبه قال يوم القيامة، من أسد، وغطفان، وهوازن وتميم" [1] وهناك من اشتد حرصه على لفظ سماعه فأبى تبديل حرف مشدد بمخفف، فعن أم كلثوم بنت عقبة [2] - رضى الله عنها - قالت: "ليس الكاذب من أصلح بين الناس فقال خيراً أو نمى خيراً. قال حماد سمعت هذا الحديث من رجلين فقال أحدهما: نمى خيراً خفيفة، وقال الآخر: نمى خيراً مثقلة [3] .
... وأشد من كل هذا تحرج بعضهم من تغيير اللحن الوارد فى كلام الراوى صحابياً كان أو تابعياً، لأنه سمعه هكذا، فلا ضير من استعمال (حوث) بدلاً من "حيث" [4] ، أو "لغيت" بدلاً من "لغوت" [5] ، و "عوثاء السفر"، بدلاً من "وعثائه" [6] ؛ ولذلك رووا عن محمد بن سيرين؛ أنه "كان يلحن كما يلحن الراوى" [7] . [1] أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب المناقب، باب ذكر أسلم وغفار ومزينه وجهينة وأشجع 6/627 رقم 3523، ومسلم (بشرح النووى) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة 8/314 رقم 2521 واللفظ له. [2] أم كلثوم بنت عقبة: صحابية جليلة لها ترجمة فى: الإصابة 4/491 رقم 12238، وتاريخ الصحابة لابن حبان ص 274 رقم 1546، والاستيعاب 4/1953 رقم 4203، واسد الغابة 7/376 رقم 7585. [3] أخرجه الخطيب فى الكفاية ص278، وابن عبد البر فى ترجمة أم كلثوم –رضى الله عنها- فى الاستيعاب 4/1953 رقم 4203. [4] انظر: الكفاية ص 280. [5] المصدر السابق ص 281. [6] المصدر نفسه ص 277. [7] الكفاية ص 285، وانظر: أثر عن أبى معمر فى سنن الدارمى المقدمة، باب من رخص فى الحديث إذا أصاب المعنى 1/106 رقم 320.