فتأمل قول أبى نضرة: (إنا نخاف أن نزيد فيه أو ننقص) 0 ثم قول أبى سعيد (أردتم أن تجعلوه قرآناً لا لا، ولكن خذوا عنا …) [1] . فدل ذلك على أن الأصل فى كتاب الله عز وجل اللفظ، لأنه متعبد بتلاوته ومتحدى بأقصر سورة منه، وليست كذلك السنة المطهرة.
وليس هذا هو مفهوم ولا مقصود أبى سعيد الخدرى وحده، بل هو مقصود ومفهوم الصحابة أجمع، ويدل على ذلك روايتهم للقصة الواحدة بألفاظ مختلفة من غير إنكار من أحد منهم، فكان إجماعاً تصير به الحجة [2] .
... ويشهد لصحة ذلك أيضاً الرخصة فى قراءة القرآن الكريم على سبعة أحرف [3] ، وهذه الأحرف الستة الزائدة، عبارة عن أنواع من المخالفة فى بعض الألفاظ للفظ الحرف الأول بدون اختلاف فى المعنى [4] . [1] راجع فى ذلك أيضاً ما نقله السيوطى فى التدريب 2/100 عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. [2] فتح المغيث للسخاوى 2/215 وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 189، والإحكام للآمدى 2/94، والكفاية ص 308. [3] استدل بذلك الإمام الشافعى فى الرسالة ص 274 فقرة رقم 752، وانظر: ما قاله تعليقاً ص274 فقرة رقم 753. [4] الأنوار الكاشفة ص 76، وقال فى الهامش: (المراد بالاختلاف فى المعنى هو الاختلاف المذكور فى قول الله تعالى: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" الآية 82 من سورة النساء، فأما أن يدل أحد الحرفين على معنى، والآخر على معنى آخر، وكلا المعنيين معاً حق، فليس باختلاف بهذا المعنى أ. هـ. وإذا كان هذا من رأفة الله عز وجل بعباده مع كتابه، فبالحديث أولى. وقد روى ما هو شبيه بهذا عن يحيى بن سعيد القطان فى الكفاية ص 316، وانظر: الجواب عن الطعون الموجهة إلى حديث القراءات فى الباب الثالث.