فلا تعارض حينئذ بين كراهيتهم لكتابة الحديث وبين حبهم ورغبتهم فى روايته، على ما زعمه الدكتور حسين الحاج [1] .
فهل عند من يزعمون عدم حجية السنة، أو يزعمون أن النهى عن الكتابة ناسخ للأذن؟
هل عندكم دليل لنسخ هذا الأمر النبوى بحفظ سنته وتبليغها للناس كافة؟؟ وإن لم تجدوا دليلاً ولن تجدوا،
فعلام يدل عندكم هذا الأمر النبوى-بحفظ سنته وتبليغها؟
هل يدل على مجرد اللهو والعبث؟ أم يدل على أنه صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين أرادوا ألاَّ يجعلوا السنة القولية ديناً وشريعة عامة كالقرآن، كما ذهب إلى ذلك خصوم السنة، وتأثر بهم بعض المسلمين [2] ، وتلك دعوى يكذبها قول وفعل النبى صلى الله عليه وسلم، ومن صار على دربه إلى يوم الدين، وسيأتى تفصيل ذلك فى: علة النهى عن كتابه السنة عند أعدائها [3] .
علة النهى عن كتابة السنة كما وردت فى الأحاديث والآثار التى استشهد بها خصوم السنة على شبهتهم [1] حسين الحاج: هو حسين الحاج حسن، كاتب سورى لبنانى، حصل على العالمية، من جامعة القديس يوسف، وكانت رسالته بعنوان (نقد الحديث فى علم الرواية وعلم الدراية) خلط فيها بين الحق والباطل، ودس السم فى الدسم، وكانت جل اعتماده فى مراجعه على ما كتبه محمود أبو رية، وطه حسين، وأمثالهما، ورسالته مطبوعة. ومن مؤلفاته أدب العرب فى صدر الإسلام، ونظم إسلامية، وغير ذلك. قال فى معرض كلامه عن نشأة الحديث: "أما إذا انتقلنا إلى عصر الصحابة وجدناهم غالباً يكرهون تدوين الحديث، بينما يرغبون فى روايته، وهو أمر غريب، يحبون رواية الحديث ويكرهون تدوينه! سؤال يحتاج إلى بحث وتفسير"!! انظر: نقد الحديث فى علم الرواية والدراية 1/142. [2] كالأستاذ محمد رشيد رضا (رحمه الله تعالى) [3] انظر: ص 298، 299-306.