، فأين دليل نسخ الإذن بالتحديث والتبليغ الذى هو أبلغ فى حجية السنة كما مر، بل وأبلغ وأقوى من النقل بالكتابة على ما سيأتى فى شبهة تأخر التدوين وهذا الإذن بالتحديث كما هو وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب نهيه عن الكتابة، هو أيضاً وارد عن الصحابة والتابعين عقب نهيهم عن الكتابة انظر إلى قول أبى سعيد الخدرى: "… إن نبيكم كان يحدثنا فنحفظ فاحفظوا كما كنا نحفظ" وفى لفظ آخر "خذوا عنا كما أخذنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم وانظر إلى قول أبى هريرة: "ارووا كما كنا نروى" وأبى موسى الأشعرى "خذ عنا كما أخذنا" وفى لفظ آخر "احفظوا عنا كما حفظنا" وكل هذه الروايات سبقت وهى مما استشهدوا بها على شبهتهم، وروى عن سليم بن عامر [1] ، قال: كان أبو أمامة إذا قعدنا إليه يجيئنا من الحديث بأمر عظيم ويقول للناس: "اسمعوا واعقلوا، وبلغوا عنا ما تسمعون. قال سليم: بمنزلة الذى يشهد على ما علم" [2] .
... وعن سليم بن عامر قال كنا نجلس إلى أبى أمامة فيحدثنا حديثاً كثيراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سكت قال أعقلتم بلغوا كما بلغتم [3] . [1] هو سليم بن عامر الكلاعى، ويقال الخبائرى بخاء معجمة وموحدة، أبو يحيى الحمصى روى عن أبى الدرداء، وعوف بن مالك، وعنه ثور ومعاوية بن صالح. ثقة وغلط من قال أدرك النبىصلى الله عليه وسلم مات سنة 130هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/381 رقم 2535، والكاشف 1/456 رقم 2064، والثقات للعجلى ص 199 رقم 600، والتاريخ الكبير 4/125 رقم 2190 [2] أخرجه الدارمى فى سننه المقدمة، باب البلاغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتعليم السنن 1/146 رقم 544 [3] أخرجه الطبرانى فى الكبير 8/187، والخطيب فى شرف أصحاب الحديث ص 168 رقم 189، وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/140 وعزاه إلى الطبرانى فى الكبير بسند حسن.