الجواب عن زعم أعداء السنة بأن النهى عن كتابة السنة يدل على عدم حجيتها:
أما أعداء السنة من دعاة اللادينية فمع اعترافهم بصحة النهى عن كتابة السنة من النبي صلى الله عليه وسلم. ومن صحابته الكرام؛ إلا أنهم اتخذوا من ذلك النهى دليلا على عدم حجية السنة النبوية. غاضين الطرف كما سبق وأن أشرت عن علل النهى الواردة في نفس الأحاديث السابقة التى احتجوا بها، بل غاضين الطرف من الأمر الصادر من النبي صلى الله عليه وسلم. لأصحابة رضي الله عنهم عقب نهيهم عن الكتابة وهو التحديث والتبليغ للسنة النبوية بعد حفظها، وهو نفس الأمر الصادر من الصحابة للتابعين بعد نهيهم عن الكتابة،
وعلى نفس الدرب صار التابعون من الناهين للكتابة، أمروا من نهوهم عن الكتابة من تابعي التابعين بحفظ السنة وتبليغها كما حفظوها عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصدق النبي صلى الله عليه وسلم. فيما تنبأ به: "تسمعون، ويسمع منكم، ويسمع ممن سمع منكم" [1] .
يقول الدكتور عبد الغنى عبد الخالق _ رحمه الله _: "وكيف يكون نهيه صلى الله عليه وسلم. دليلا على عدم الحجية والنبي صلى الله عليه وسلم. عقب هذا لنهى مباشرة عندما أمر الصحابة بالتحديث عنه، وفي الوقت نفسه يتوعد من يكذب عليه متعمدًا أشد الوعيد، كما في حديث أبى سعيد الخدري الذي رواه مسلم.
ويقول صلى الله عليه وسلم. في حجة الوداع: " ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه [2] .
ويقول أيضا: نضر الله امرءًا سمع منا حديثًا، فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" [3] ويقول صلى الله عليه وسلم. لوفد عبد القيس _ [1] أخرجه أبو داود في سننه كتاب العلم، باب فضل نشر العلم 3/ 321 رقم 3659، وأحمد في مسنده 1/ 321، والحاكم في المستدرك كتاب العلم: باب فضيلة مذاكرة الحديث 1/ 95 وقاال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وليس له علة ولم يخرجاه، وفي الباب أيضا عن ابن مسعود، ووافقه الذهبي وقال على شرطهما ولا علة له. [2] البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب التوحيد، باب قال الله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} 13 / 433 رقم 7447، ومسلم (بشرح النووي) كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض 6/ 182 رقم 1679 واللفظ له من حديث أبى بكر رضي الله عنه. [3] سبق تخريجه ص 39.