.. ولولا إرادة المولى عز وجل بحفظها، لاندثرت مع تعاقب الدهور لكثرة ما وجه إليها من طعون، ولكثرة ما صادفت من أعداء أضمروا لها شراً، وأرادوا بها سوءاً، فجعلهم الله الأخسرين بما قيض لها من الرجال الأوفياء فى كل عصر، وفى كل جيل، وفى كل مكان [1] .
... وأخيراً فإننا لا نستطيع إلا أن نرتاب فى أمر هؤلاء الناس الذين قرروا إطلاق أنفسهم من ربقة القرآن الكريم وأحكامه، قبل أن يقرروا إطلاقها من مقتضيات السنة وأحكامها. ولكن شق عليهم أن يواجهوا الناس بخروجهم على القرآن الكريم وتعليماته، فأضافوا إلى القرآن الكريم ما لا مضمون له إلا ما تهواه أنفسهم ويتفق مع رغائبهم وأغراضهم … وكان غرضهم الوحيد من ذلك هو أن يبعدوا السنة عن طريقهم ويقطعوا ما بينها وبين القرآن الكريم من علاقة التفسير والتكامل والبيان.
... وقد سبقهم إلى ذلك - فى عصور سالفة - بعض الزنادقة والمارقين. فما كان حالهم فى الظهور والافتضاح إلا شراً ممن جاهروا بالكفر والعصيان ومحاربة كتاب الله عز وجل وغدت الأمة الإسلامية تتقى شرهم أكثر مما تتقى مجاهرة الكافر بكفره، والفاسق بفسقه [2] .
... "نعم" إن الاقتصار على الكتاب رأى قوم لا خلاق لهم، خارجين عن الطريقة المثلى، وخارجين عن السنة المطهرة، فأداهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة، وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله فضلوا وأضلوا" [3] أ. هـ.
والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم [1] انظر: مؤتمر السنة النبوية ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة بحث الشيخ عز الدين الخطيب وتعقيب فضيلة الأستاذ للدكتور/ أحمد عمر هاشم 2/58 - 560، 602 بتصرف، وراجع: هنا مبحث "الحديث النبوى تاريخ الإسلام" ص 50. [2] مؤتمر السنة ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة بحث الدكتور محمد البوطى 2/462. [3] الموافقات للإمام الشاطبى 4/401، 432 بتصرف.