.. وشبهات أعداء الإسلام حول السنة من حيث هى لا تشكل خطراً عليها، لأنها قلعة راسخة لا تؤثر فيها الشبهات، وإن كانت قد ألحقت بعقول بعض المسلمين نوعاً من الأذى. ولكن الخطورة فيها أنها استغلت للتشكيك فى الدين والطعن فى رسالة النبى صلى الله عليه وسلم، ولو أننا ضربنا صفحاً عن حكاية هذه الشبه، وبيان فسادها: لكان منا ذلك رأياً متيناً، ومذهباً صحيحاً. إذ الإعراض عن القول المطروح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهاً للجهال عليه. غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور، وإسراعهم إلى اعتقاد الشبهات التى يروجها أعداء الإسلام رأينا الكشف عن فساد هذه الشبه، وردها بقدر ما يليق بها من الرد، فذلك نصح للأنام، وأحمد للعاقبة إن شاء الله تعالى [1] .
... ولما كانت شبهات خصوم السنة وافتراءاتهم حول حجية السنة المطهرة، ووسائلهم فى الكيد لها كثيرة لا حصر لها ولا عد. وإذا كنا لن نستطيع أن نتتبع كل ناعق ينعق فى دين الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وجب على كل مسلم أن يتنبه إلى حجر الزاوية الذى يرتكزون عليه فيحطمه ويسحقه، ويبحث عن القاعدة التى ينطلقون منها؛ فيخربها ويدمرها على من فيها.
...
... وهذا ما سنحرص عليه بمشيئة الله تعالى فى حديثنا عن وسائلهم فى الكيد للسنة المطهرة، خصوصاً بعد أن وسع أعداء الإسلام دائرة هذه الشبهات وجعلوها موضع نظر فى بحوثهم ودراستهم، فاغتر بها من اغتر من أبناء الإسلام.
... وسوف نبسط تلك الشبهات التى اتخذوها قواعد ينطلقون منها للتشكيك فى السنة المطهرة فى ستة فصول، نحلل من خلالها تلك الشبهات الواهية. ونبين مواقع التدليس فيها، والالتباس بشأنها، فلا تبقى حجة للمتنطعين فى حجية السنة، ولا يبقى فى قلب مؤمن شبهة أو ريب والله المستعان وبه التوفيق. [1] اقتباس (بتصرف يسير) من كلام الإمام مسلم فى مقدمه صحيحه، باب بيان أن الإسناد من الدين 1/133.