المبحث الثالث: المستشرقون وموقفهم من السنة النبوية
أدرك المستشرقون أهمية السنة النبوية بالنسبة للإسلام عموماً والقرآن الكريم خصوصاً، وأنه بالتشكيك والنيل منها نيل من القرآن الكريم بل من الإسلام نفسه.
يقول المبشر الأمريكى (جب) : "إن الإسلام مبنى على الأحاديث أكثر مما هو مبنى على القرآن الكريم، ولكننا إذا حذفنا الأحاديث الكاذبة لم يبق من الإسلام شئ، وصار شبه صبيرة طومسون، وطومسون هذا رجل أمريكى، جاء إلى لبنان فقدمت له صبيرة فحاول أن ينقيها من البذر، فلما نقى منها كل بذرها لم يبق فى يده منها شيء" [1] .
وأول مستشرق قام بمحاولة واسعة شاملة للتشكيك فى الحديث النبوى كان المستشرق اليهودى "جولد تسيهر" الذى يعده المستشرقون أعمق العارفين بالحديث النبوى، كما وصفه بذلك "بفانموللر" وقال: وبالأحرى كان "جولد تسيهر" يعتبر القسم الأعظم من الحديث بمثابة نتيجة لتطور الإسلام الدينى والتاريخى والاجتماعى فى القرن الأول والثانى. فالحديث بالنسبة له لا يعد وثيقة لتاريخ الإسلام فى عهده الأول: عد طفولته، وإنما هو أثر من آثار الجهود التى ظهرت فى المجتمع الإسلامى فى عصور المراحل الناضجة لتطور الإسلام.
كما بارك جولدتسيهر موقف المعتزلة من السنة النبوية، ورأى أن وجهتهم فى رد الأحاديث بالعقل هى الوجهة الصحيحة التى يجب أن تناصر وتؤيد ضد المتشددين الحرفيين الجامدين على النصوص [2] . [1] التبشير والاستعمار للدكتور مصطفى خالد والدكتور عمر فروخ ص 98. [2] انظر: العقيدة والشريعة فى الإسلام ص 109، 110.