اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 236
هو الحق ما دام قلبى معى
وما دام فى اليد هذا القلم!
إن البيئات التى تستمتع بمقادير كبيرة من الحرية هى التى تنضج فيه الملكات، وتنمو المواهب العظيمة، وهى السناد الإنسانى الممتد لكل رسالة جليلة وحضارة نافعة.
ولأمر ما اختار الله محمداً من العرب!
إن ذلك يرجع إلى طبيعته الذاتية، وطبيعة الجنس الذى ينميه على السواء!!
فإن العرب أيام البعثة كانوا أسعد الأمم بخطوط الحرية المتاحة لهم، بينما كان الروم والفرس جماهير من العبيد الذين تعودوا الانحناء للحكام والسجود للملوك وضياع الشخصية فى ظل سلطات عمياء وأوامر ليس عليها اعتراض.
أما العرب فكانوا على عكس ذلك، حتى لكأن كل فرد منهم ملك وإن لم يكن على رأسه تاج!
ونشأ عن ذلك الاعتداد الخطير بالنفس أن كفار القبيلة كانوا يموتون دفاعاً عن مؤمنيها، وكانت حرية الكلمة متداولة فى المجتمع تداول الخبز والماء..
ووسط هذا الجو شقت رسالة الإسلام طريقها صعداً لم تثنها المعوقات الطبيعية التى لا بد منها..
ومن الفطر القوية لأولئك العرب الأحرار كانت الانطلاقة التى عصفت بالحكومات المستبدة وبدلت الأرض غير الأرض والناس غير الناس.
ذلك أنه يستحيل أن يتكون فى ظل الاستبداد جيل محترم، أو معدن صلب، أو خلق مكافح.
وتأمل كلمة عنترة لأبيه شداد لما طلب منه الدفاع عن القبيلة، قال: إن العبد لا يحسن الكر والفر، ولكنه يحسن الحلب والصر! فأجاب الوالد: كر وأنت حر!
وقاتل " عنترة " وتحت لواء الحرية أدى واجبه، ولو بقى عبداً ما اهتم بهلاك أمة من الناس فقد بينهم كرامته ومكانته..
ومن مقابح الاستبداد أسلوبه الشائن فى إهانة الكفايات وترجيح الصغار وتكبيرهم تبعاً لمبدئه العتيد:
اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 236