اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 224
يقول الله تعالى " والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون. والأرض فرشناها فنعم الماهدون. ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين. ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إنى لكم منه نذير مبين " [الذاريات: 48 ـ 50] .
هذه آيات خمس، والثلاثة الأولى منها وصفت الأكوان علوها وسفلها وما أنبتت فيها من حياة وأحياء.
والاثنتان الأخريان انتقلتا من الأكوان إلى المكون فتحدثتا عن وجوده ثم توحيده.
والحق أن الانحصار فى الكون والاحتباس بين مظاهره فواحش عقلية ونفسية لا يرضاها أريب لنفسه، بل ينفر منها أولو الألباب.
إن من له أدنى مسكة يعرف ـ من العالمين ـ رب العالمين ويعرف من الأكوان صاحب هذه الأكوان!!
إن هذا الملكوت الضخم الفخم من ودائع ذراته إلى روائع مجراته شاهد غير كذوب على أن له خالقاً أكبر وأجل.
إنها لجهالة أن يغمط هذا الإله العظيم حقه، وإنها لنذالة أن يوجد بشر ينكره ويسفه عليه.
ولكن خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين!!
والعاقل ينظر فى الكون فيتعلم منه تسبيح الله وتحميده، ويستنتج من قوانين الحياة وأحوال الأحياء ما يستحقه المولى الأعلى من أسماء حسنى وصفات عظمى..
والناس صنفان: صنف يعرف المادة وحدها ويجهل ما وراءها ولا نتحدث الآن مع هؤلاء، فقد ذكرنا نبأهم فيما مضى.
وصنف مؤمن بالله مصدق بلقائه، ولكنه هائم فى بيداء الحياة، ذاهل وراء مطالب العيش، مستغرق المشاعر بين شتى المظاهر، فهو لا يكاد يتصل بسر الوجود أو يتمحض لرب العالمين.
ومع هذا الصنف المؤمن نقف لنرسل الحديث.
اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 224