اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 222
وأما النصارى فلو تفرغوا لمواجهة هذا الخطر لكانوا كالذى يرد الطوفان بالراحتين، فكيف وهم مشغولون بالقضاء على الإسلام المريض!
لذلك نجح الإلحاد فى فرض أفكاره وأحكامه على أغلب ميادين النشاط الإنسانى، وربما سمح للأديان أن تبقى ميولاً فردية واتجاهات أدبية وحسبها ذلك.
على أن القرن العشرين للميلاد أخذ يتجه ـ خصوصاً فى أواسطه ونهاياته وجهة مغايرة، وظهر فى كتابات كثير من العلماء الطبيعيين نزوع واضح إلى الإيمان بالغيب والتسليم بوجود إله حكيم قادر، عالم خبير!
وتدين العلم كسب إنسانى جليل!
والصورة التى تكونت لدى العلماء الطبيعيين عن الله أقرب إلى الحقيقة مما يهرف به كثير من رجال الأديان..!!
ولو كان للإسلام رجال يحسنون عرضه كما نزل فى أصوله الأولى لكان الإسلام دين الحاضر والمستقبل على سواء، ولكن الفكر الإسلامى وقع فى محنة رهيبة!!
ولست أزعم أن كل العلماء الكونيين نزاعون إلى التدين، فهناك من ضل الطريق!! ولكن تيار الإيمان لو مضى فى طريقه بين هؤلاء دون عوائق سياسية ودون إرهاب خارجى لتغير الوضع، فإن جمهرتهم سوف تدخل فى دائرة الدين بلا ريب!!
والمشكلة التى نواجهها نحن فى بلادنا الإسلامية هى تأخر مثقفينا فى مضمار التقليد!!
فعدد كبير منهم لا يزال يعيش فى العقلية المادية للقرن التاسع عشر.
وعدد آخر قد يعدو هذا النطاق ليرنوا ببصره إلى المسجونين كرهاً داخل بعض المذاهب المادية الحاكمة، وهم قوم كفروا عن إرهاب لا عن اختيار ففيم يقلدون؟
والغريب أن نفراً من علماء الإسلام يزعمون أن الدين ـ كسائر القضايا الأدبية ـ لا صلة له بالعقل! أى أن التفكير الإلحادى للقرن التاسع عشر ما زال هو الذى يسيطر عليهم، فأى بلاء هذا؟
ونحن نناشد أحرار العقول أن يراجعوا أنواع المعرفة التى تعرض عليهم، فإن للاستعمار الثقافى دخلاً فى تلويثها وغشها..
اسم الکتاب : قذائف الحق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 222