وفي هذا دلالة باهرة على أن الاكتفاء بالصلاح الذاتي والاعتصام من مشاركة المفسدين إفسادهم، لا يقي المرء من الهلاك إلا إذا جمع إليه تغيير المنكر الواقع ممن حوله، بكل ما يمكن تغييره به فله النّجاءُ.
((عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن ـ وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أُخذوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلَّط الله عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم» .
هذه المهلكات الخمس، هي فينا شاخصة، تكاد تراها حيث وقع بصرك.