وكذلك إذا أمرنا المولى عز وجل بالإيمان بشخص نبيه صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتوقيره ونصرته، والإيمان بما أنزل عليه من وحى الله تعالى كتاباً وسنة. فلا يصح أن نرد على الله كلامه ونقول هذا شرك!
... وهذا إجمال وإليك التفصيل:
أولاً: أمر رب العزة عباده بطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم طاعة مطلقة مستقلة، بمقتضى عصمته له، وربط تلك الطاعة بطاعته عز وجل تارة، وأفردها تارة أخرى، ليدل على أن طاعته صلى الله عليه وسلم طاعة له سبحانه فقال: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} [1] .
وقال عز وجل: {وإن تطيعوه تهتدوا} [2] .
وقال - جل جلاله -: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [3] .
وطاعته صلى الله عليه وسلم فى الآيات السابقة طاعة مطلقة فى سنته المطهرة، حتى ولو كانت السنة زائدة على ما فى كتاب الله عز وجل، لأنه عليه الصلاة والسلام له حق التشريع بدلالة الآيات السابقة، وبقوله تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوباً عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم
الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم} [4] .
فقوله: "يحل، ويحرم، ويضع" من خصائص المشرع الحقيقى الواجب طاعته؛ ولكن مرد هذا التشريع فى حقيقة الأمر إلى الله عز وجل.
... فرسول الله لا يشرع من عند نفسه، وإنما يشرع حسب ما يريه الله تعالى ويوحيه إليه على ما سبق تفصيله فى نهاية المبحث الثانى [5] .
فهل نسلم بكلام الله تعالى؛ أم نرده ونقول هذا شرك؟.
... [1] الآية 59 النساء. [2] جزء من الآية 54 النور، مع آية الأعراف 158 {واتبعوه لعلكم تهتدون} . [3] الآية 80 النساء. [4] الآية 157 الأعراف. [5] يراجع: ص 37.