فالإستعمار وإن جلا عنا بجنوده، فهو قابعاً في عقول هؤلاء المثقفين الجهلاء بدينهم.
ومن البلاء أن يصبح بعض هؤلاء، قادة التوجيه في الصحافة والمجلات، وبيدهم السلطات الواسعة، التي تجعل أصواتهم في القمة، وتحارب الأصوات المؤمنة العاقلة.
والطائفة الثانية: تتمثل في هؤلاء المنحرفين في سلوكهم، المنغمسين في شهواتهم، الذين
أصبحوا كالكلاب المسعورة، تنهش الأعراض، وتسبح في المحرمات، لا تفيق
من ُسكٍر، ولا تعف عن مال حرام، ولا تشبع من لذة.
وهؤلاء عندما يعارضون التشريعات الإسلامية، لا يدفعهم إلي هذا الموقف اقتناع بعدم صلاحيتها أو تخوف على مصلحة الأمة، بل هم مقتنعون أنها أعدل التشريعات، وأحكم النظم، ولكنهم يخشون عند تطبيقها على أنفسهم من مس السياط، ورجم الحجارة، والحرمان مما ألفوه من العربدة، والمال الحرام.
ولا ينبغي لعاقل أن يسمع صوتاً لمثل هؤلاء المنحرفين، ولا يقيم لمعارضتهم وزناً، فهم خارجون على النظام والقانون. متمردون على مصالح المجتمع، وأمنه، وإذا جاز لنا أن نسمع لأصواتهم! فمن حق القتلة، وسفاكي الدماء، أن يرفعوا أصواتهم أيضاً، مطالبين بإسقاط القصاص وإباحة جرائمهم.
والوضع الصحيح أن نعتبر هذه الطائفة مرضي، هم في مسيس الحاجة للعلاج والدواء، والإنقاذ من التردي في هاوية الشهوات والمحرمات.
والطائفة الثانية: من هذه الطوائف المعرضة؛ هي تلك الفئة من الناس المتعصبين تعصباً أعمي،
ضد كل إصلاح، وتشريع عادل، فهم قد أغلقوا عقولهم، وعطلوها عن التفكير
والإدراك، وأغمضوا أعينهم عن النور والحق، وآثروا العيش في ظلمات
التعصب، وهم يحسبون أنفسهم أنهم يصنعون صنعَا.