وذلك أن الردة اسم لغوي، وهو كل من انصرف عن أمر كان مقبلاً عليه، فقد ارتد عنه، وقد وجد من هؤلاء القوم الإنصراف عن الطاعة، ومنع الحق، وانقطع عنهم اسم الثناء، والمدح بالدين، وعلق بهم الاسم القبيح؛ لمشاركتهم القوم الذين كان ارتدادهم حقاً. (1)
اختلاف العلماء في استتابة المرتد:
إذا كان هناك إجماع من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم، على وجوب قتل المرتد عن دين الإسلام؛ إلا أنهم اختلفوا في استتابته، هل هي واجبه أم مستحبة، وفي قدرها، وفي قبول توبته، وفي أن المرأة مثل الرجل في ذلك أم لا؟ ! .
وخلاصة القول:
انه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، هو قول الجمهور، والمرأة كالرجل في ذلك، واستدل على ذلك بالإجماع السكوتى الوارد في كتاب عمر في أمر المرتد ((أفلا حبستموه ثلاثاً، وأطعمتموه كل يوم رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويُراجع أمر الله)) [2] ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة.
كأنهم فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم ((من بدل دينه فاقتلوه)) [3] أي إن لم يرجع.
وقد قال تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} . (4)
واستدل على أن المرأة كالرجل في الإستتابة، فإن تابت وإلا قتلت؛ بما وقع في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلي اليمن قال له ((أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه؛ فإن تاب فاقبل منه، وإن لم
(1) المنهاج شرح مسلم 1/236 - 238 بتصرف، وينظر: فتح الباري 12/288 رقمي 6924، 6925، وكتاب الردة
للواقدي صـ 80 - 321، ومجمع الزوائد 6 / 220. [2] سبق تخريجه صـ 121. [3] سبق تخريجه صـ 118.
(4) جزء من الآية 5 التوبة.