وصدقت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما ما كَانَ خُلُق أَبْغضَ إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب [1] .
... وعلى هذا: فإذا ورد على لسان أحد من الصحابة نفى ما رواه نظيره، أو قوله فى مثيله: كذب فلان …، أو نحو هذا من العبارات، فالمراد به أنه أخطأ أو نسى؛ لأن الكذب عند أهل السنة هو الإخبار عن الشئ بخلاف ما هو عليه عمداً أو نسياناً أو خطأ، ولكن الإثم يختص بالعامد، كما جاء فى الحديث: " من كذب علىَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " [2] .
قال الإمام النووى [3] : بعد تعريفه للكذب عند أهل السنة: "وقالت المعتزلة، شرطة العمدية ودليل خطاب هذه الأحاديث لنا، فإن قيده عليه السلام بالعمد، لكونه قد يكون عمداً، وقد يكون سهواً، مع أن الإجماع والنصوص المشهورة فى الكتاب والسنة متوافقة متظاهرة على أنه لا إثم على الناسى والغالط، فلو أطلق صلى الله عليه وسلم الكذب لتوهم أنه يأثم الناسى أيضاً فقيده وأما الروايات المطلقة، فمحمولة على المقيدة بالعمد [4] . أ. هـ. [1] أخرجه الترمذى فى سننه كتاب البر والصلة، باب ما جاء فى الصدق والكذب 4/307 رقم1973 وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه أحمد فى مسنده 6/152، وابن أبى الدنيا فى مكارم الأخلاق 112 رقم 139، 145، والحديث ذكره الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/142، وعزاه إلى أحمد، والبزار، وقال إسناده صحيح. [2] سبق تخريجه ص 35. وينظر: لمحات من تاريخ السنة للأستاذ عبد الفتاح أبو غدة ص 73. [3] هو أبو زكريا، يحيى بن شرف الحوارنى، الشافعى، كان إماماً حافظاً متفناً، صاحب تصانيف نافعة فى الحديث، والفقه، وغيرها "كشرح مسلم" و"شرح المهذب" و"المبهمات" وغير ذلك مات سنة 676هـ له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 4/1470 رقم 1162، وشذرات الذهب 5/345، وطبقات الشافعية لابن كثير 2/909. [4] المنهاج شرح مسلم للنووى 1/104.