.. كما أنه لا يجوز أن يخبر الله تعالى بأنه جعلهم أمة وسطاً – أى عدولاً – وهم على غير ذلك، فيصح أن يطلق على الصحابة أنهم خير أمة بإطلاق، وأنهم وسط أى عدول بإطلاق" [1] .
وهكذا سائر الآيات التى جاءت بمدحهم قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [2] فالصادقون هم المهاجرون، والمفلحون هم الأنصار، بهذا فسر أبو بكر الصديق، هاتين الكلمتين، من الآيتين، حيث قال فى خطبته يوم السقيفة مخاطباً الأنصار:"إن الله سمانا (الصادقين) وسماكم (المفلحين) ،وقد أمركم أن تكونوا حيثما كنا، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [3] .
فهذه الصفات الحميدة فى هاتين الآيتين كلها حققها المهاجرون والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتصفوا بها، ولذلك ختم الله صفات المهاجرين بالحكم بأنهم صادقون، وختم صفات الذين آزروهم ونصروهم وآثروهم على أنفسهم بالحكم لهم بأنهم مفلحون. [1] الموافقات 4/450 - 452 بتصرف، وانظر: عقيدة أهل السنة والجماعة فى الصحابة للدكتور ناصر على الشيخ 2/801، 802. [2] الآيتان 8،9 من سورة الحشر. [3] الآية 119 من سورة التوبة وينظر: العواصم من القواصم لابن العربى ص 62، والبداية والنهاية 5/217 وما بعدها.