الحادث، وهذه الصور المادية لا تليق بكمال الله جلَّ وعلا، إذ ليس كمثله شيء، ولا يتوقف على معرفة كنه ذات الخالق شيء من الإيمان ولا من العلاقة به.
إننا نتعامل مع كثير من طاقات الكون دون أن نعرف كنه ذاتها. عقولنا لا نعرف كنه ذاتها. معظم ما هو داخل في أجسامنا لا نعرف كنه ذاته. أفيؤثر هذا على إيماننا بها وتعاملنا معها؟
ولا بد أن يلاحظ القارئ حشد المغالطات التي صنعها (د. العظم) ويكتشفها ويعرف ما فهيا من زيف لا يحتاج كشفه إلى كد ذهني.
لقد جعل الشيء الذي يعجز العقل عن إدراكه وتصوره شيئاً مناقضاً للمنطق ومنافياً للعقل، وهذا باطل بداهة كما أوضحنا، إن أموراً كثيرة جداً يعجز العقل عن تصورها وتحديد ذاتها وهي واقعة فعلاً، وحينما يدركها العقل لا يرى فيها مناقضة للمنطق ولا منافاة للعقل. الأعمى يعجز عن تصور الألوان، مع أن الألوان لا تناقض المنطق ولا تتنافى مع العقل، لا في مفهوم المبصرين ولا في مفهوم العميان.
ليكن واضحاً لدينا تماماً أن قصور الجهاز المدرك عن إدراك بعض الحقائق لا يعني بحال من الأحوال أن هذه الحقائق مناقضة لمنطق الأشياء. هذه بديهة ولكن (د. العظم) أراد أن يغالط بها، وأراد أن يموِّه بها على السذج من المخدوعين المفتونين بعبارات (أصول البحث العلمي) و (قواعد المنطق الحديث) و (ما توصلت إليه الحقائق العلمية) وأمثالها من العبارات التي غدت شعارات للتمويه والتضليل فقط يستعملها بعض أصحاب المذاهب ذات الأغراض الخاصة، كسائر الشعارات الجميلة، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية، إن هذه الشعارات تحمل بريقاً لفظياً يسرُّ السامعين ويعجبهم، ولكن ليس لها عند مستغليها مضمون عملي تطبيقي.
وبعد أن بنى (د. العظم) هذا البناء الوهمي على المقدمة الكاذبة الأولى، وجَّه عدة اعتراضات عليه، وهذه الاعتراضات وجهها على اعتبار أن من نسب إليهم هذا المذهب من المفكرين المسلمين يرون أنه لا يمكن إدراك أي شيء عن ذات الخالق ولا عن صفاته.