وتاريخه؟ إن ما يقولونه هو مجرد احتمال افتراضي لو لم يقولوا به لما وجدوا أمامهم إلا ما يقرره الدين من قضية الخلق الرباني، وهذا ما يتهرب الماديون الملحدون منه من غير دليل. حتى كتب (سير آرثر كيث) يقول:
"إن نظرية النشوء والارتقاء غير ثابتة علمياً، ولا سبيل إلى إثباتها بالبرهان، ونحن لا نؤمن بها إلا لأن الخيار الوحيد بعد ذلك هو الإيمان بالخلق الخاص المباشر، وهذا ما لا يمكن حتى التفكير فيه" [1] .
لماذا لا يمكن قبوله من وجهة نظره ولا التفكير فيه؟
لأنه اتخذ لنفسه الإلحاد مذهباً، فهو لا يريد أن ينقض مذهبه، تعصباً له وإنكاراً للحقيقة الإلهية. وهكذا سائر الملحدين.
إذا حققنا في الأمر وجدنا أن الخرافة والأسطورة تتمثل في بعض المواقف من النظرية الداروينية، وهي المواقف التي تتناقض مع صريح ما جاء في القرآن عن خلق آدم، لأن الفرضية الداروينية في هذه المواقف لا تملك أي دليل غير مجرد الاحتمال الافتراضي، وهذا لا يقدم أية حقيقة علمية.
فادعاؤه التناقض بين الدين والحقائق العلمية في هذه القضية الخاصة ادعاء مخالف لكل القواعد المنطقية والأسس العلمية، ألا فليراجع مفاهيمه مراجعة منطقية قبل أن يتصدى لعمليات نقد كبرى.
ثم قال بعد أن عرض هذه المسألة المحددة كما زعم:
"هل يفترض في المسلم في هذا العصر أن يعتقد بوجود كائنات مثل الجن والملائكة وإبليس، وهاروت وماروت، ويأجوج ومأجوج، وجوداً حقيقياً غير مرئي باعتبارها مذكورة كلها في القرآن، أم يحق له أن يعتبرها كائنات أسطورية، مثلها مثل آلهة اليونانية وعروس البحر والغول والعنقاء؟ يا حبذا لو عالج الموفقون بين الإسلام والعلم مثل هذه القضايا المحددة وأعطونا رأيهم فيها بصراحة ووضوح بدلاً من الخطابة حول الانسجام الكامل بين العلم والإسلام". [1] اقتباساً من كتاب "الإسلام يتحدى".