responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 181
ولكن نقول لهم: وما هي وسيلتنا لإيجاد هذا الضمير الأخلاقي وقد دلتنا الملاحظة أن معظم الجماهير التي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر لا تستطيع أن تكتسب ضميراً أخلاقياً مقوماً لسلوكها من منبع آخر، لأنها تسيطر عليها حينئذ أنانياتها وشهواتها، ولا يردعها عن الجنوح خوف، ولا يجذبها إلى الاستقامة طمع، وحينما تخشى من العقاب المادي الإنساني فإنها تستقيم استقامة الحذر من العدو، وترصد الانحراف كراصد الصيد، متى وجد الفرصة متاحة له انقضَّ على فريسته.

قد يقولون: إن النظرات الفلسفية، والعاطفة الإنسانية، والتربية الأخلاقية، وحب الخير وفعل الخير، كفيلة بتربية الضمير الأخلاقي.

ولكننا نقول لهم: لئن صلحت هذه الوسائل لتربية ضمير أخلاقي لدى فيلسوف عالي الفطرة، له نظرات تأملية بعيدة عن غمرة الماديات والمطامع والأهواء والشهوات، فإنها لن تصلح لتربية ضمير أخلاقي لدى ألوف مؤلَّفة من البشر، لا يتحلَّون بخصائص ذلك الفيلسوف النادر.

ومعلوم أن الضوابط السلوكية لمنح البشرية أفضل مقدار من سعادة الحياة يجب أن تكون قادرة على ضبط الكثرة الكاثرة من الناس إلا من شذ، لا أن تكون للنماذج النادرة فقط، وتترك الأعداد العظمى من غير ضابط.

هذا بخلاف الضمير الأخلاقي الذي يغرسه في القلوب الإيمان بالله واليوم الآخر، فإنه ضمير أخلاقي تكتسبه بسهولة جميع الجماهير المؤمنة إلا من شذ منها، وهذا الشاذ لا يعدم بذوراً تردعه عن كبريات الجرائم.
أما غير المؤمنين بالله واليوم الآخر فالجرائم الصغرى والكبرى سواء عندهم، متى تعلَّق هوى أحدهم بشيء واستطاع أن يفلت من العقاب المادي على أيدي الناس فإنه يفعله دون أن يجد أي وخز لجرائمه في ضميره، وحينما يفعله يفعله بضراوة وشراسة لا توجدان عند أخبث الحيوانات الضارية الشرسة.
على أن الإسلام لم يهمل جانب تربية الضمير الأخلاقي بكل الوسائل الممكنة إضافة إلى الخوف من الله وعقابه، ووعده ووعيده وما في اليوم الآخر من جزاء.

اسم الکتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست