responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 102
الله، أي: إنها تحتوي الآن على نفس الأجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقها ".

ثم يقول في معارضة ما جاء في الدين:
" أما النظرة العلمية حول الموضوع ذاته فلا تعترف بالخلق من لا شيء، ولا تقر بأن الطبيعة كانت منذ البداية كما هي عليه الآن ".
في هذا الكلام الذي أورده كذب على الدين، ومغالطة في الحقيقة، وتمويهات بذكر بعض أمور هي من الدين، أوردها ليغشي بها على نظر القارئ، فلا يبصر مواطن الافتراءات، ومزالق المغالطات.
لقد أدخل فكرة لا يعترف بها الدين أصلاً، ضمن عرضه لطائفة من المفاهيم والعقائد الدينية الصحيحة، ليضلل القارئ بالإيهام الذي اصطنعه له، وليجعله يعتقد أن هذه الفكرة الدخيلة هي فعلاً من المفاهيم الدينية، ما دامت قد وردت ضمن مجموعة مفاهيم صحيحة يعرفها هو عن الدين.

لقد زعم أن الإسلام يرى أن الطبيعة قد حافظت على سماتها منذ أن خلقها الله، أي: إنها تحتوي الآن على نفس الأجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقها.

مع أن هذا افتراء صريح على الدين، تكذبه بالنصوص القرآنية، ولست أدري من أين جاء بهذه المفاهيم فألصقها الدين؟

لما تحدث القرآن عن فئة الحيوانات التي خلقها الله لركوب الإنسان، وليتخذها زينة له، ألحقها بقوله تعالى: {ويخلق ما لا تعلمون} بصيغة الفعل المضارع التي تدل على الحال والاستقبال، للدلالة على أن عمليات التجديد في الخلق الرباني للأشياء مستمرة غير منقطعة، قال الله تبارك وتعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول) :
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} .

أليس في هذا إعلاناً صريحاً مخالفاً لما زعم (د. العظم) من أن الدين يقرر أن الطبيعة قد حافظت على سماتها من أن خلقها الله.
وبالنسبة إلى الأجرام السماوية لا نجد في النصوص الإسلامية ما يدل على هذا الذي افتراه (العظم) على المفاهيم الإسلامية، بل في النصوص ما يدل على خلاف ذلك، قال الله تعالى في سورة (الذاريات/51 مصحف/67 نزول) :
{وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} .

فكلمة (موسعون) في الآية تشير إلى أعمال التوسعة المتجددة في السماء، وذلك لأن هذه الكلمة من صيغ اسم الفاعل، صيغة اسم الفاعل بقوة المضارع من جهة الدلالة، هي للتعبير عن الحال أولاً ثم عن الاستقبال.

اسم الکتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست