responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شروط النهضة المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 63
حينما طبقا على هذه الواقعة الاجتماعية منطق الجدلية المادية، فقد كان طبيعيا أن يجدا في الشروط الاجتماعية الخاصة بأوروبا في عهدها الفكتوري ما يبرر النزعة المادية التاريخية في نظرهم.
فماركس ومدرسته يذهبان إلى ان كل اكتمال تاريخي لا يكون إلا نتيجة الضرورات المادية، وحاجات الإنسان الأساسية وبالتالي الوسائل الفنية التي يخترعها ويستعملها في تلبية تلك الحاجات. فالحاجة والفن الصناعي يمثلان في نظر ماركس مركزي التقاطب لقوى الانتاج، المركزين اللذين يحددان العلاقات الاجتماعية الخاصة بحضارة معينة، كما يحددان هذه الحضارة ذاتها معنويا وماديا. ولكن هذه النظرية لا تفسر لنا النقطة الأساسية الماثلة فيما يحدث من تفكك العلاقات الاجتماعية، وتلاشي الحضارات، دون ظهور أي تغيير في طبيعة الحاجات ووسائل الانتاج. فحضارات أمريكا السابقة على العهد الكولومبي. وكذلك الحضارة الرومانية لم تتلاش لفقدها الوسائل الصناعية والحاجات.
وهكذا نجد في التفسير الماركسي للوقائع التاريخية ثغرة أحدثها التحليل المفرط في المنهجية لهذه الوقائع، ذلك التحليل الذي يتخذ نقطة انطلاق، من حتمية مادية أي من عملية ميكانيكية لا إرادية لتخطيط الحضارة.
أما القرن العشرون فقد شاهد بوادر تفتح مناهج أخرى للتفسير، ينفسح فيها المجال داخل "تكوين" الحضارة لعوامل أخرى غير العوامل المقصورة على حاجة الإنسان المادية ووسائل الإنتاج.
فقد وضحنا سالفا كيف يفسر "كسرلنج" الحضارة الأوروبية باعتبارها تركيبا مكونا من "روح" المسيحية، وتقاليد الجرمانية. غير أن هذا الفيلسوف لم يكن هو السابق إلى هذا الطريق فقد سار فيه من قبل المؤرخ الفرنسي "جيزو" الذي كان ينظر إلى الأشياء من هذه الزاوية نفسها قبل "كسرلنج" بقرن كامل.

اسم الکتاب : شروط النهضة المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست