responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شروط النهضة المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 141
إن من الصعب أن يسمع شعب ثرثار الصوت الصامت لخطى الوقت الهارب!! ..
ومع ذلك فكل علم له مرحلته التجريبية التي تتصف بالاحتمال والمحاولة، وهما يسبقان ضرورة الفكرة الواضحة التي يستخلصها العقل في المرحلة التالية. فينبغي أن نحدد التجربة المطابقة لمقتضى الحال لكي نعلم " المسلم " علم الزمن، فنعلم الطفل والمرأة والرجل تخصيص نصف ساعة يوميا لأداء واجب معين، فإذا خصص كل فرد هذا الجزء من يومه في تنفيذ مهمة منتظمة وفعالة فسوف يكون لديه في نهاية العام حصيلة هائلة من ساعات العمل لمصلحة الحياة الإسلامية في جميع أشكالها العقلية والخلقية والفنية والاقتصادية والمنزلية.
وسيثبت هذا (النصف ساعة) عمليا فكرة الزمن في العقل الإسلامي، أي في أسلوب الحياة في المجتمع، وفي سلوك أفراده، فإذا استغل الوقت هكذا فلم يضع سدى ولم يمر كسولاً في حقلنا، فسترتفع كمية حصادنا العقلي واليدوي والروحي، وهذه هي الحضارة.
ولا بد لنا في خاتمة هذا الفصل أن نورد تجربة قريبة منا، وواقعة تحت أنظارنا، وهي أيضا في متناول المقاييس العملية، هذه التجربة هي ما حدث في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، تلك الحرب التي خلفت وراءها ألمانيا عام 1945 قاعا صفصفا، حطمت فيها كل جهاز للانتاج، ولم تبق لها من شيء تقيم على أساسه بناء نهضتها، وفوق ذلك فقد تركتها لتصرف شئونها تحت احتلال أربع دول، فلما بدأ النشاط يسري في نفس الشعب الألماني في مستهل سنة 1948، كان ساعتئذ في نقطة الصفر من حيث المقومات الاقتصادية الموجودة لديه.
واليوم، وبعد عشر سنوات تقريبا نرى معرض ألمانيا يفتح أبوابه بالقاهرة في شهر مارس 1957 فتذهلنا المعجزة، إذ ينبعث شعب من الموت والدمار، وينشىء الصناعات الضخمة، التي شهدناها.

اسم الکتاب : شروط النهضة المؤلف : مالك بن نبي    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست