وقدر أن لا يؤمن أهل الأرض كلهم وله الحكمة التامة في ذلك والحجة البالغة، قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [1] ، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [2] ، وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [3] . ولا يتصور مع بقاء الكفر على الأرض، ومع وجوب تبليغ الدعوة إلى الناس كلهم لا يتصور مع ذلك أن ينعزل المجتمع المسلم عن غيره من المجتمعات، ولذلك فإن التشريع الإسلامي نظم علاقة المسلم مع غيره من بني جنسه أفرادا ومجتمعات ووضع الضوابط الكاملة في ذلك داخل المجتمع الإسلامي وخارجه. وهذا البحث يسعى إلى بيان سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين بمختلف أصنافهم ودياناتهم من أهل الكتاب وغيرهم وذلك من خلال الوقوف على هدي القرآن والسنة في ذلك والتطبيق العملي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان، وهذه السماحة أخضعت أعناق الباحثين من غير المسلمين ليسجلوا شهاداتهم بأن لا مثيل لحضارة الإسلام في [1] سورة القصص: 68. [2] سورة يوسف: 103. [3] سورة يونس: 99.