اسم الکتاب : سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 85
أي مصدر خير لكم لو أطعتموه. ولا تشتبه عليه الأمور كما تقولون، بل هو بالغ الذكاء والفطنة يميز بين الخير والشر، والحق والباطل.
وحين فرحوا بتخلفهم عن الجهاد في تبوك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا: {لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} . جاء الرد عليهم: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .
وهكذا في هدوء تصدى القرآن لافتراءات المنافقين، وهتك أستار نفوسهم وعرَّاهم أمام الرأي العام، ولكن لم يصادر حرياتهم ولم يسلب أمنهم، ولم يضيق عليهم في حل ولا ترحال.
بل إن القرآن ليذهب في السماحة إلى أبعد من ذلك، فتراه في موضع آخر يفتح أمامهم باب التوبة، ويُرغّبهم فيها لينسوا ماضيهم ويقبلوا على عهد جديد، يبدل الله فيه سيئاتهم حسنات. {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} .
وقد يقول قائل: كيف ذهبت هذا المذهب من عدم قتال المنافقين والله يقول فيهم: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} .
والجواب: إن هذه الآية ليست حكماً عاماً في جميع المنافقين، بل هي خاصة في طائفة منهم كانوا قد ارتدوا ولحقوا بالمشركين بعد إظهارهم الإيمان فهذا حكم خاص بهم.
أما كلامنا ففي المنافقين الذين لم يُحدثوا رِدُّة ظاهرية، فلا وجه لقول القائل الذي أشرنا إليه.
اسم الکتاب : سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 85