توحيد الربوبية أخذاً من ظاهر بعض الآيات، فقد أخطأ، وما أصاب، ولا تدبر السنة ولا الكتاب، فإن الربوبية والألوهية متلازمان الرب والإله معناهما واحد، لأن الذي يستحق أن يعبد لا بد أن يكون ربا) [1].
ويدعي السمنودي أن مشركي العرب وقعوا في الكفر بسبب اتخاذهم ربا من دون الله، وعلى ذلك فهم غير مقرين بتوحيد الربوبية، يقول السمنودي:
(لقد جاء مشركوا العرب الكفر من جهة اعتقادهم استحقاق العبادة لغير الله، واتخاذه رباً من دون الله، وأما المسلمون فإنهم بحمد الله بريئون من ذلك، إذ لا يعتقدون شيئا يستحق الألوهية والعبادة غير الله تعالى، فهذا هو الفرق بين الحالين. وأما هؤلاء الجاهلون المكفرون للمسلمين، فإنهم لم يعرفوا الفرق بين الحالين، تخبطوا وقالوا إن التوحيد نوعان: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية) [2].
ويقول السمنودي في موضع آخر: (وأما المشركون الذين نزلت فيهم الآيات القرآنية، فكانوا يعتقدون استحقاق أصنامهم الألوهية والعبادة، ويعظمونها تعظيم الربوبية، وإن كانوا يعتقدون أنها لا تخلق شيئا) [3].
ويورد أحمد دحلان تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية ويستنكر هذا التقسيم، ثم يذكر أدلته على إبطاله، يقول دحلان:
(وقالوا إن التوحيد نوعان توحيد الربوبية، وهو الذي أقر به المشركون، وتوحيد الألوهية وهو الذي أقر به الموحدون، وهو الذي يدخلك في دين الإسلام، وأما توحيد الربوبية فلا يكفي، وكلامهم باطل.. فإن توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية.
ألا ترى إلى قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [4] ولم يقل ألست بإلهكم، فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية، ومن المعلوم أن من أقر لله بالربوبية فقد أقر له بالألوهية، إذ ليس الرب غير الإله، بل هو الإله بعينه. وفي الحديث "إن الملكين يسألان في قبره فيقولان له: من ربك؟ " [5] ولم يقولا: [1] نقلا عن: "سعادة الدارين" 2/22.
2 "سعادة الدارين" 2/22.
3 "سعادة الدارين"، 1/304. [4] سورة الأعراف آية: 172. [5] رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم، وهو جزء من حديث البراء بن عازب.