القباني، لذا يقول القباني:
(العلة التي وجبت كفر المشركين هي اعتقادهم في الأنبياء، والأولياء، والملائكة أنهم أبناء الله، وبنات الله، تعالى الله عن ذلك..) [1].
ويقول أيضا: (إن عبادة المشركين للأنبياء، والأولياء إنما هي بالسجود لتماثيلهم، ليتقربوا إليهم ... ) [2].
ويستنكر القباني أن يكفر من قال: يا رسول الله اشفع لي، فيقول بكل قبح ووقاحة مخاطبا الشيخ الإمام:
(أما أنهم كفروا بمجرد قولهم يا رسول الله اشفع لي، أو أغثني، وأنها مساواة لقول المشرك واعتقاده أن المسيح هو الله، ولعبادة تمثاله من السجود والذبح كما ادعيت ذلك، وجزمت به. فما أقمت على ذلك الدليل والبرهان يا طويل الآذان) [3].
ويجوز ابن داود الهمداني طلب الشفاعة من الأنبياء والأولياء، فلا يحتاج إلى إذن من الله؛ لأن الله أذن لهم في الشفاعة، يقول ابن داود:
(إن الله تعالى أذن لنا أن نطلب منهم -أي الأنبياء والأولياء- الشفاعة، وليعلم أولا أن طلب الشفاعة منهم لا يحتاج إلى ورود إذن من الله في ذلك، فإنا بعد أن علمنا أن لهم جاها وجيها عنده تعالى، بحيث إذا شفعوا قبلت شفاعتهم، فعلمنا مع ذلك أن الله تعالى أذن لهم في الشفاعة، ساغ لنا أن نطلبها منهم، ونجعلهم شفعاء عنده، ونقول لهم اشفعوا لنا عند الله في قضاء حوائجنا، فإن لكم عند الله جاها وجيها، وشفاعة مقبولة كما يسوغ لأحدنا أن يقول لآخر توسط لي عند السلطان، واشفع لي لدى فلان) [4].
ويرد ابن داود على الشيخ الإمام في تلك المسألة، فيقول:
(وقول الزنديق الحجازي: إن الله أعطاه الشفاعة، ونهاك عن طلبها منه كما قال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [5] غلط، فإن الدعاء المنهي عنه هنا بمعنى العبادة، وطالب الشفاعة لا يعبد الشفيع، بل يطلب منه أن يشفعه عند الله، كما
1 "فصل الخطاب" ق 36.
2 "فصل الخطاب" ق 38.
3 "فصل الخطاب" ق 41.
4 "إزهاق الباطل" ق 35. [5] سورة الجن آية: 18.