مما في يده أو دعائه له، وبين الطلب من الميت والغائب، ولا يسوي بين الحي والميت، إلا من اختالته الشياطين عن الفطرة التي فطره الله عليها، أو إنسان أعماه الهوى والتقليد..) [1].
وقد أورد السهسواني كثيرا من الحجج في إبطال التسوية بين الحي والميت، فكان مما قاله:
(إن قدرة الحي على بعض الأشياء دون الميت ثابت بالكتاب والسنة ... -منها- قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [2][3] - ومن الأحاديث- قوله صلى الله عليه وسلم " إذا مات الإنسان، انقطع عنه عمله ... "[4]) .
كما أن إثبات الكسب ولو باطنيا للميت مخالف للنص الصريح هو قوله صلى الله عليه وسلم " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله "[5] فلا يعبأ به، على أن قدرة الحي على الكسب يعلم حدها بالمشاهدة، مثلا نعلم أن الحي يقدر على حمل الحجر، وعلى أن يحول بينه، وبين عدوه الكافر، أو يدفع عنه سبعا صائلا، أو لصا، أو يدعو له، أو نحو ذلك، وأما قدرة الميت على الكسب فعلى تقدير تسليمها لا تعلم حدها بالمشاهدة فما طريق العلم بها؟ وهل هي مساوية لقدرة الحي أو زائدة عليها أو ناقصة عنها؛ فلا بد من بيانه حتى يطلب منه على حسبه، ودونه لا معنى لهذه الدعوى العمياء) [6].
ويصف أحد العلماء قياس الأموات على الأحياء بهذا الوصف:
(قياس الأموات من الأنبياء، والصالحين في الأمور التى لا يقدر عليها إلا الله، على الأحياء القادرين على الأسباب العالية المقدور عليها من أفسد القياس، وأبطل إبطال، وأمحل المحال؛ لأن الله سبحانه وتعالى فرق بين الأحياء والأموات ولم يسو بينهما بقوله {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ} [7]) [8].
ويتحدث علامة العراق الآلوسي عن مسألة سماع الأموات فيقول:
(لا يشك أحد من أهل العلم أن في مسألة السماع قولين، أحدهما: أن الأموات يسمعون، ومع ذلك لا يستمد منهم ولا يستغاث بهم في قضاء الحاجات، ولا يلجأ
1 "تأكد الملك المنان"، ق 49. [2] سورة البقرة آية: 286. [3] انظر: أدلته القرآنية في كتابه "صيانة الإنسان" ص 247، 248. [4] صحيح مسلم: كتاب الوصية (1631) , وسنن الترمذي: كتاب الأحكام (1376) , وسنن النسائي: كتاب الوصايا (3651) , وسنن أبي داود: كتاب الوصايا (2880) , ومسند أحمد (2/372) , وسنن الدارمي: كتاب المقدمة (559) . [5] صحيح مسلم: كتاب الوصية (1631) , وسنن الترمذي: كتاب الأحكام (1376) , وسنن النسائي: كتاب الوصايا (3651) , وسنن أبي داود: كتاب الوصايا (2880) , ومسند أحمد (2/372) , وسنن الدارمي: كتاب المقدمة (559) .
6 "صيانة الإنسان"، ص 252، 253، باختصار، وانظر: الرد تفصيلا ص 247-253. [7] سورة فاطر آية: 22.
8 "مجموعة الرسائل والمسائل" 4-837.