وتبدو هذه الأمور الأربعة ظاهرة جلية حين نعرض لها بالرد والدحض بما كتبه أئمة الدعوى وأنصارها في هذا المقام.
سنورد في مقام الرد والدحض لفرية إنكار كرامات الأولياء ما ذكره بعض أئمة الدعوة السلفية في رد هذه الفرية ودحضها.
ثم نشير إلى ما قالوه من عدم الاغترار بخوارق العادات عموما، وضرورة التفريق بين الولي حقا وبين مدعي الولاية كذبا وزوراً.
وعقب ذلك، نشير إلى ما قرره علماء الدعوة في بيان حد الكرامة وتعريفها.
ثم نورد بعض الردود على ما وقع فيه الخصوم من الغلو في الأولياء وصرف شيء مما يستحقه الله إليهم.
وقد رد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- على من اتهمه بانتقاص الصالحين فكان مما قاله:
(مما ذكره المشركون علي أني أتكلم في الصالحين أو أنهى عن محبتهم فكل هذا كذب وبهتان افتراه علي الشياطين) [1].
ويقول- أيضاً- في هذا المقام:
(وأما الصالحون فهم على صلاحهم رضي الله عنهم، ولكن نقول ليس لهم شيء من الدعوة قال الله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [2]) [3].ويكذب الشيخ سليمان بن سحمان هذه الدعوى، فيقول:
(والجواب أن يقال إن هذه الدعوى دعوى كاذبة خاطئة، فإن الشيخ رحمه الله لا ينكر كرامات الأولياء بل يثبتها، ولا ينكر إلا خوارق الشياطين، فإن أولياء الرحمن لهم علامات يعرفون بها، فمن علامات أولياء الله محبة الله، ومحبة رسوله، والتزام
1 "مجموعة مؤلفات الشيخ" 5/52 باختصار. [2] سورة الجن آية: 18.
3 "مجموعات مؤلفات الشيخ" 5/101. وانظر: "الدرر السنية" 1/65، ومما يحسن ذكره هاهنا أن نسوق ما حكاه الشيخ أبو بطين في كتابه "تأسيس التقديس، ص85، وهو أن رجلا من أهل مكة ينسب إلى علم قال لرجل عامي من أهل نجد: أنتم ما للأولياء عنكم قدر والله يقول في الشهداء إنهم {أحياء عند ربهم يرزقون} ، فال له العامي: هل قال يرزقون يعني بفتح الياء أو قال يرزقون يعني بالضم، فإن كان يعني بالفتح فأنا أطلب منهم، وإن كان يعني بالضم فأنا أطلب من الذي يرزقهم، فقال المكي: حجاجكم كثيرة وسكت.