responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حقوق الإنسان في الإسلام المؤلف : عشماوي، عبد الفتاح بن سليمان    الجزء : 45  صفحة : 188
والتشريد لأمم طردت من ربوعها ومهادها، ومقدسات غالية لطخها بالدنس أعداؤها، ومعتنقو الخسران من تشيع وتصهين يطاردون بني الإنسان تنكيلا وتمزيقا، أصبح هو السمت المميز والمبدأ المعتنق لحضارة إنسان القرن العشرين، كل هذا لم يحدث إلا في عهد الأمم المختلفة ومجلس خوفها، وهما القائمان على تنفيذ (المواد الثلاثين لحقوق العالمين) .
وقد أعدت هذه الهيئة العالمية بجربها هيئات إقليمية أخرى فسارت على نفس السليقة التي سارت عليها الهيئة الأم. كمجموعة (دول الكومنولث الإنجلوسكسونية) ومجموعة (دول الكومنفورم الشيوعية) ومجموعة (دول عدم الانحياز) و (المجموعة الأوروبية) و (منظمة الوحدة الإفريقية) و (منظمة الجامعة العربية) ، وسواها.
هذا غير الأحلاف العسكرية، كحلف الأطلنطي لدول أوربا الغربية، وحلف وارسو لدول أوربا الشرقية، وحلف دول شمال شرقي آسيا، والحلف المركزي المسمى بحلف بغداد سابقا، وغير ذلك كثير من المنظمات والأحلاف المنتشرة في مختلف البقاع العالم.
وكل هذه المنظمات منقسمة على نفسها، حيث كل أعضائها ممثلون في الهيئة المختلفة الرئيسية، وهي المسماة (بهيئة الأمم المتحدة) والتي أنشأتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية بعد توقفها ووضع أوزارها مباشرة، وذلك لتستمر لها الهيمنة السياسية بعد أن تمت لها الهيمنة العسكرية.
وليت الخلاف في الهيئة الأم وأشباهها من المنظمات الأخرى وقف عند التنابز بالألقاب فيما بينها، بل تنابزت بالمدافع والدبابات والمقاتلات في حروب متلاحقة بين أعضائها كانت وما زالت يهلك بها المشاركون في هذه المنظمات الآلاف من أبناء أممهم، فلم تربطهم المواثيق التي اتفقوا عليها إلا وهم متهالكون على المقاعد قبالة بعضهم عند عقد الاجتماعات، {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} ، وبعد الافتراق يظهر أثراً النفاق خرابا ودمارا، ولنكتف بضرب المثل بأقرب منظمتين بالنسبة لنا، منظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة الجامعة العربية، فلم تكد سنة تمر أو حتى بضعة أشهر منذ أنشئتا دون أن يقع قتال بين أعضائها يقتل فيه البراء، وتطفح به برك الدماء، وتؤول ديار عامرة إلى بلا بلاقع، هذا غير سباب بذيء تفضح به الأسرار، ويهتك به الأستار ينقله الأثير إلى سمع أهل الأرض، تلك هي أخوة بني الإنسان التي فج ضوءها الأزرق من (نيويورك) مقر لجنة حقوق الإنسان، والتي أفاءت من زرقتها المعتمة على الإنسان في جنبات الآفاق، بما في ذلك منظماته المتشاجرة، والتي لا تندمل لها جراحات، والذي نقول ليس بالمجهول، فالكل معنا له مثلنا أذن وعين، إلا أن بعض الحكام الموقعين على إعلان حقوق الإنسان ومنهم من هو في منطقتنا هذه أيضا، ينكلون بأبناء شعوبهم بأنواع من النكال لا أسمح لقلمي أن يسيل لها مداده، حيث لا تكاد تصدق أو تخطر ببال، فقد تعدى بعضها كل حدود الصفة البشرية، وما أظنها تقع من زواحف الأجحار، وكواسر الأحراش، حتى لا يظن التالي لكلماتي هذه أني قد قسوت في التعبير أو نبا القلم من يدي، إني سأكتفي بالتلميح الكافي عن التصريح، بما أنا موقن منه حق اليقين، حين سلب شرف وانتهك عرض والمعتدى عليه أو عليها مغلول بأصفاد في غيابة السجن، فقط لأنهم قالوا لحكامهم هذا حرام وهذا حلال، ولم يجد بشيء ذلك التوقيع على إعلان للإنسان في ورقة لتقرأ أو تنشر، فلم يصاحب ذلك خوف من الله بقليل أو كثير، زيادة على معظم مواد الإعلان التي وضعت لتميل حيث مال الهوى، كما سنوضح في هذا البحث إن شاء الله تعالى.
ما كان للإنسان الذي وضع أو الذي رضي بتلك، تاركا ما وضع ربه له من أجمل حقوق بلغت الغاية وأوفت الكفاية إلا أن يظل قابضا على جلد القنفذ الذي ظنه المنقذ من همومه وأنكاده، فهل يحيف الله على الإنسان لما

اسم الکتاب : حقوق الإنسان في الإسلام المؤلف : عشماوي، عبد الفتاح بن سليمان    الجزء : 45  صفحة : 188
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست